الوصل. (نَسِيا حُوتَهُما) غفل موسى أن يطلبه ويتعرّف حاله ، لاستغراقه في جناب القدس ، وتوجّهه التامّ إلى المبدأ الحقيقي. ولذلك أيضا غفل يوشع أن يذكر له ما رأى من حياته ووقوعه في البحر.
قيل : كان الحوت سمكة مملوحة. وقيل : إنّ يوشع حمل الحوت والخبز في المكتل (١) ، فنزل ليلة على شاطئ عين تسمّى عين الحياة ، ونام موسى ، فلمّا أصاب السمكة روح الماء وبرده عاشت. وروي أنّهما أكلا منها.
وقيل : إنّ موسى رقد فاضطرب الحوت المشويّ ووثب في البحر ، معجزة لموسى أو الخضر.
وقيل : توضّأ يوشع بن نون من عين الحياة ، فانتضح الماء عليه ، فعاش ووثب في الماء.
وقيل : نسيا تفقّد أمره وما يكون منه ، أمارة على الظفر بالمطلوب.
(فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ) فاتّخذ الحوت طريقه (فِي الْبَحْرِ سَرَباً) مسلكا ، من قوله : (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) (٢). وقيل : أمسك الله جرية الماء على الحوت فصار كالطاق عليه ، وحصل منه في مثل السرب. ونصبه على المفعول الثاني ، و «في البحر» حال منه ، أو من السبيل. ويجوز أن يكون «في البحر» متعلّقا بـ «اتّخذ».
(فَلَمَّا جاوَزا) مجمع البحرين. وهو الموعد الّذي فيه الصخر. (قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا) ما نتغدّى به (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) تعبا وشدّة. قيل : لم ينصب حتّى جاوز الموعد ، فلمّا جاوزه وسار الليلة والغد إلى الظهر ألقي عليه الجوع والنصب. وقيل : لم يعي موسى في سفر غيره. ويؤيّده التقييد باسم الاشارة.
__________________
(١) المكتل : زنبيل من خوص يحمل فيه التمر وغيره.
(٢) الرعد : ١٠.