قال : إنّي وكّلت بأمر لا تطيقه ، ووكّلت بأمر لا أطيقه» (١).
وروي أنّه لمّا ظهر موسى على مصر مع بني إسرائيل بعد هلاك القبط واستقرّوا بها ، أمره الله أن يذكّر قومه النعمة. فقام فخطب خطبة بليغة أعجب خطبة ، فذكر نعمة الله وقال : إنّه اصطفى نبيّكم وكلّمه. فقالوا له : قد علمنا هذا هل تعلم أحدا أعلم منك؟ قال : لا.
فبعث الله عليه جبرئيل حين لم يردّ العلم إلى الله ، فأوحى إليه : بل أعلم منك عبدلي عند مجمع البحرين ، وهو الخضر. وكان الخضر في أيّام أفريدون قبل موسى. وكان على مقدّمة ذي القرنين الأكبر ، وبقي إلى أيّام موسى.
وقيل : إنّ موسى سأل ربّه أيّ عبادك أحبّ إليك؟ قال : الّذي يذكرني ولا ينساني.
قال : فأيّ عبادك أقضى؟
قال : الّذي يقضي بالحقّ ، ولا يتّبع الهوى.
قال : فأيّ عبادك أعلم؟
قال : الّذي يبتغي علم الناس إلى علمه ، عسى أن يصيب كلمة تدلّه على هدى ، أو تردّه عن ردى.
فقال : إن كان في عبادك من هو أعلم منّي فادللني عليه.
قال : أعلم منك الخضر.
قال : أين أطلبه؟
قال : على الساحل ، عند الصخرة الّتي عندها ماء الحياة ، عند مجمع البحرين.
قال : يا ربّ كيف لي به؟ قال : خذ حوتا في مكتل فحيث فقدته فهو هناك.
فقال لفتاه : إذا فقدت الحوت فأخبرني. فذهبا يمشيان (فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما) أي : مجمع البحرين. و «بينهما» ظرف أضيف إليه على الاتّساع ، أو بمعنى
__________________
(١) تفسير عليّ بن إبراهيم ٢ : ٣٨.