مع الصبيان. وعن سعيد بن جبير : كان من أحسن أولئك الغلمان وأصبحهم. وقيل : ضرب برأسه الحائط. وعن سعيد بن جبير : أضجعه ثم ذبحه بالسكّين. والفاء للدلالة على أنّه لمّا لقيه قتله من غير تروّ واستكشاف حال ، ولذلك (قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً) أي : طاهرة من الذنوب.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ورويس عن يعقوب : زاكية. والأوّل أبلغ. وقال أبو عمرو : الزاكية : الّتي لم تذنب قطّ ، والزكيّة الّتي ثمّ غفرت. ولعلّه اختار زاكية لذلك ، فإنّها كانت صغيرة لم تبلغ الحلم ، أو أنّه لم يرها قد أذنبت ذنبا يقتضي قتلها.
(بِغَيْرِ نَفْسٍ) بغير قتل نفس يوجب القود. يعني : لم تقتل نفسا فيقتصّ منها ، بل قتلت نفسا تقاد بها. نبّه به على أنّ القتل إنّما يباح حدّا أو قصاصا ، وكلا الأمرين منتف.
ولعلّ تغيير النظم ، بأن جعل خرقها جزاء للشرط ، واعتراض موسى مستأنفا في الأولى ، وفي الثانية قتله من جملة الشرط ، واعتراضه جزاء ، لأنّ القتل أقبح ، والاعتراض عليه أدخل ، فكان جديرا بأن يجعل عمدة الكلام ، ولذلك فصّله بقوله : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) أي : منكرا أشدّ من الإمر ، فإنّ الخرق يمكن تداركه بالسدّ ، وهذا لا سبيل إلى داركه.
وقرأ نافع في رواية قالون وورش وابن عامر ويعقوب وأبو بكر : نكرا بضمّتين.
(قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) زاد فيه «لك» لزيادة المكافحة بالعتاب على رفض الوصيّة ، والوسم بقلّة الثبات والصبر ، لمّا تكرّر منه الاشمئزاز والاستنكار ، ولم يرعو بالتذكير أوّل مرّة ، حتّى زاد في الاستنكار ثاني مرّة.
(قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها) بعد هذه المرّة (فَلا تُصاحِبْنِي) وإن سألت صحبتك. وعن يعقوب : فلا تصحبني ، أي : فلا تكن صاحبي. (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) قد وجدت عذرا من قبلي لمّا خالفتك ثلاث مرّات. وعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رحم الله أخي موسى استحيا فقال ذلك ، لو لبث مع صاحبه لأبصر أعجب الأعاجيب».