الملائكة والمسيح (مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ) معبودين نافعهم؟ أو لا أعذّبهم به؟ فحذف المفعول الثاني كما يحذف الخبر للقرينة ، أو سدّ «أن يتّخذوا» مسدّ مفعوليه. (إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً) ما يقام للنزيل ، وهو الضيف. وفيه تهكّم. ونحوه : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (١). وتنبيه على أنّ لهم وراءها من العذاب ما تستحقرونه.
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) نصب على التمييز. وجمع لأنّه من أسماء الفاعلين ، أو لتنوّع أعمالهم ، أي : بأخسر الناس أعمالا.
(الَّذِينَ ضَلَ) ضاع وبطل (سَعْيُهُمْ) واجتهادهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) لكفرهم وعجبهم ، كالرهابنة ، فإنّهم خسروا دنياهم وأخراهم. ومحلّه الرفع على الخبر المحذوف ، فإنّه جواب السؤال. أو الجرّ على البدل. أو النصب على الذمّ. (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) بعجبهم واعتقادهم أنّهم على الحقّ.
روى العيّاشي بإسناده قال : «قام ابن الكوّاء إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فسأله عن أهل هذه الآية. فقال : أولئك أهل الكتاب كفروا بربّهم ، وابتدعوا في دينهم ، فحبطت أعمالهم.
وأهل النهر منهم ليسوا ببعيد. يعني : الخوارج» (٢).
وفي رواية أخرى قال عليهالسلام : «منهم أهل الحروراء» (٣).
(أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) بالقرآن ، أو بدلائله المنصوبة على التوحيد والنبوّة (وَلِقائِهِ) بالبعث على ما هو عليه ، أو لقاء عذابه (فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) ضاعت وبطلت بكفرهم ، فلا يثابون عليها ، لأنّهم أوقعوها على خلاف الوجه الّذي أمرهم الله به (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) فنزدري بهم ، ولا نجعل لهم مقدارا واعتبارا. وقيل : لا نضع لهم ميزانا يوزن به أعمالهم ، لانحباطها ، لأن الميزان إنّما يوضع لأهل الحسنات والسيّئات من الموحّدين.
__________________
(١) الانشقاق : ٢٤. (٢ ، ٣) تفسير العيّاشي ٢ : ٣٥٢ ح ٨٩ ، ٩٠.