وقيل : «سميّا» : شبيها ، كقوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (١) لأنّ كلّ متشاكلين يسمّى كلّ واحد منهما باسم المثل والشبيه والشكل والنظير ، فكلّ واحد منهما سمّي لصاحبه.
وقالوا : لم يكن له مثل في أنّه لم يعص ، ولم يهتمّ بمعصية قطّ. وأنّه ولد بين شيخ فإن وعجوز عاقر. وأنّه كان حصورا ، أي : كان على صفة العقر.
(قالَ) استعجابا لا استبعادا (رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) جساوة (٢) ويبسا في المفاصل والعظام. وأصله : عتوو ، كقعود ، فاستثقلوا توالي الضمّتين والواوين ، فكسروا التاء ، فانقلبت الواو الأولى ياء ، ثمّ قلبت الثانية وأدغمت. وقرأ حمزة والكسائي وحفص : عتيّا بالكسر.
قال الحسن : إنّما قال ذلك على جهة الاستخبار ، أي : أتعيدنا شابّين أم ترزقنا الولد شيخين؟! وقيل : إنّما استعجب الولد من شيخ فان وعجوز عاقر ، اعترافا بأنّ المؤثّر فيه كمال قدرته ، وأنّ الوسائط عند التحقيق ملغاة ، ولذلك (قالَ) أي : الله ، أو الملك المبلّغ للبشارة ، تصديقا له : (كَذلِكَ) الأمر كذلك.
ويجوز أن تكون الكاف منصوبة بـ «قال» في (قالَ رَبُّكَ) وذلك إشارة إلى مبهم يفسّره (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) فأردّ عليك قوّتك حتّى تقوى على الجماع ، وأفتق رحم امرأتك بالولد ، ولا أحتاج فيما أريد أن أفعله إلى الأسباب. ونحو ذلك قوله : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) (٣) و (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ) مفسّر لذلك.
ويجوز أن يكون مفعول «قال» الثاني محذوفا ، أي : أفعل ذلك هو عليّ هيّن.
(وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) بل كنت معدوما صرفا ، وإزالة عقر زوجتك
__________________
(١) مريم : ٦٥.
(٢) الجساوة : اليبس والصلابة.
(٣) الحجر : ٦٦.