ملكات. ونصبه بأنّه مفعول ، أو حال من مفعول محذوف ، وهو ضمير الطائر. ويعضده قراءة يعقوب : ويخرج ، من : خرج. (يَلْقاهُ) يرى ذلك الكتاب (مَنْشُوراً) مفتوحا معروضا عليه ليقرأه ويعلم ما فيه. وهما صفتان للكتاب ، أو «يلقاه» صفة و «منشورا» حال من مفعوله. وقرأ ابن عامر : يلقّاه على البناء للمفعول ، من : لقّيته كذا.
(اقْرَأْ كِتابَكَ) على إرادة القول. وعن قتادة : يقرأ ذلك اليوم من لم يكن في الدنيا قارئا. وروى خالد بن نجيح عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «يذكر العبد جميع أعماله وما كتب عليه ، حتّى كأنّه فعله تلك الساعة ، فلذلك قالوا : (يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) (١).
(كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) الباء مزيدة ، أي : كفى نفسك. و «حسيبا» تمييز. وهو بمعنى الحاسب ، كالصريم بمعنى الصارم ، وضريب القداح بمعنى ضاربها.
و «على» متعلّق به ، من قولهم : حسب عليه كذا. أو بمعنى الكافي ، فوضع موضع الشهيد ، وعدّي بـ «على» ، لأنّه يكفي المدّعي ما أهمّه. وتذكيره على أنّ الحساب والشهادة ممّا يتولّاه الرجال ، أو على تأويل النفس بالشخص ، كما يقال : ثلاثة أنفس.
وكان الحسن إذا قرأها قال : يا ابن آدم أنصفك والله من جعلك حسيب نفسك.
(مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) أي : لا ينجي اهتداؤه غيره ، ولا يردي ضلاله سواه (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ) ولا تحمل نفس حاملة وزرا (وِزْرَ أُخْرى) وزر نفس أخرى ، بل إنّما تحمل وزرها.
(وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ) وما صحّ منّا صحّة تدعو إليها الحكمة أن نعذّب قوما بعذاب الاستئصال (حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) إلّا بعد أن نبعث إليهم رسولا يبيّن الحجج ويمهّد الشرائع ، فيلزمهم الحجّة ، بأن ينبّههم على النظر والإيقاظ من رقدة الغفلة في التكليفات العقليّة ، ويعلّمهم التكليفات النقليّة ، لئلّا يقولوا : كنّا غافلين ، فلو لا بعثت إلينا رسولا
__________________
(١) الكهف : ٤٩.