وقيل : أمر بأن يسمعهم الرسول ويبصرهم مواعيد ذلك اليوم وما يحيق بهم فيه.
والجارّ والمجرور على الأوّل في موضع الرفع ، وعلى الثاني في محلّ النصب.
(لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أوقع الظالمين موقع الضمير إشعارا بأن لا ظلم أعظم من ظلمهم أنفسهم ، حيث أغفلوا الاستماع والنظر حين ينفعهم ، وسجّل على إغفالهم بأنّه ضلال بيّن.
والمعنى : إنّ الكافرين في الدنيا آثروا الهوى على الهدى ، ولم ينظروا إليه ولم يسمعوا به ، فهم في ذهاب عن الدين وعدول عن الحقّ.
(وَأَنْذِرْهُمْ) وخوّف يا محمّد كفّار مكّة (يَوْمَ الْحَسْرَةِ) يوم يتحسّر الناس ، المسيء على إساءته ، والمحسن على قلّة إحسانه. وقيل : الحسرة يومئذ مختصّة بمن يستحقّ العقاب ، والمؤمن الصالح لا يتحسّر أصلا.
(إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) فرغ من الحساب ، وحكم بين الخلائق بالعدل ، وتصادر الفريقان إلى الجنّة والنار. و «إذ» بدل من اليوم ، أو ظرف للحسرة.
(وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) حالان متعلّقان بقوله : (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ، وما بينهما اعتراض. أو بـ «أنذرهم» ، أي : أنذرهم غافلين غير مؤمنين. فيكونان حالين متضمّنين للتعليل.
روى مسلم في الصحيح بالإسناد عن أبي سعيد الخدري قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا دخل أهل الجنّة الجنّة ، وأهل النار النار ، قيل : يا أهل الجنّة ، فيسرعون وينظرون. وقيل : يا أهل النار ، فيسرعون وينظرون. فيجاء بالموت وكأنّه كبش أملح (١) ، فيقال لهم : تعرفون الموت؟ فيقولون : هذا هذا. وكلّ قد عرفه. قال : فيقدّم فيذبح. ثمّ يقال : يا أهل الجنّة! خلود فلا موت. ويا أهل النار! خلود فلا موت. قال : وذلك قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ).
ورواه أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهالسلام. ثمّ جاء في آخره : «فيفرح أهل
__________________
(١) الكبش الأملح : إذا كان أسود يعلو شعره بياض.