ولدا فإنّما يتّخذه من جنسه ، لأنّ الولد مجانس للوالد ، والله تعالى ليس كمثله شيء ، فلا يكون له ولد ، ولا يتّخذ ولدا.
ثمّ بكّتهم بالاستدلال على انتفاء الولد عنه بقوله : (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي : إذا أراد شيئا أوجده بـ «كن» ، ومن كان كذلك كان منزّها عن شبه الخلق ، أو الحاجة في اتّخاذ الولد بإحبال الإناث. وقرأ ابن عامر : فيكون بالنصب على الجواب.
والقول هاهنا مجاز. ومعناه : أنّ إرادته للشيء يتبعها كونه لا محالة من غير توقّف ، فشبّه ذلك بأمر الآمر المطاع إذا ورد على المأمور الممتثل.
(وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) طريق واضح فالزموه.
وقرأ الحجازيّان والبصريّان : وأنّ بالفتح ، على : ولأنّ. وقيل : لأنّه معطوف على «الصلاة». وقرأ غيرهم بالكسر ليكون ابتداء كلامهم من الله.
(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) اليهود والنصارى. أو فرق النصارى. نسطوريّة قالوا : إنّه ابن الله. ويعقوبيّة قالوا : هو الله ، هبط إلى الأرض ثمّ صعد إلى السماء. وملكانيّة قالوا : هو عبد الله ونبيّه.
(فَوَيْلٌ) فشدّة عذاب (لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) من شهود يوم عظيم هوله وحسابه ، وهو يوم القيامة. أو من وقت الشهود. أو من مكانه فيه. أو من شهادة ذلك اليوم عليهم ، وهو أن تشهد عليهم الملائكة والأنبياء ، وألسنتهم وأيديهم وأرجلهم ، بكفرهم وسوء أعمالهم. أو من وقت الشهادة. أو من مكانها. وقيل أمر : هو ما شهدوا به في عيسى وأمّه.
(أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) تعجّب. ولمّا كان الله سبحانه لا يوصف بالتعجّب ، فالمراد أنّ أسماعهم وأبصارهم يومئذ جدير بأن يتعجّب منهما. (يَوْمَ يَأْتُونَنا) أي : يوم القيامة بعد ما كانوا صمّا عميا في الدنيا. والمراد أنّهم في الدنيا جاهلون ، وفي الآخرة عارفون جدّا ، حيث لا تنفعهم المعرفة.
وقيل : معناه : تهديد بما سيسمعون ويبصرون يومئذ ممّا يسوءهم ويصدع قلوبهم.