(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) إذا وعد بشيء وفى به ولم يخلف. ذكره بذلك لأنّه المشهور به ، وإن كان موجودا في غيره من الأنبياء ، فإنّه الموصوف بأشياء في هذا الباب لم تعهد من غيره. وناهيك (١) أنّه وعد الصبر على الذبح ، فقال : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (٢) فوفى.
وعن أبي عبد الله عليهالسلام : «أنّه واعد رجلا أن ينتظره في مكان ونسي الرجل ، فانتظره مدّة كثيرة حتى أتاه الرجل». وعن مقاتل : أقام أن ينتظره ثلاثة أيّام.
(وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) يدلّ هذا على أنّ الرسول لا يلزم أن يكون صاحب شريعة ، فإنّ أولاد إبراهيم كانوا على شريعته.
(وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) كان يبدأ بأهله في الأمر بالصلاح والعبادة ليجعلهم قدوة لمن وراءهم ، ولأنّهم أولى من سائر الناس ، فإنّ الرجل يقبل على نفسه ومن هو أقرب الناس إليه بالتكميل. قال الله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٣).
(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) (٤) و (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) (٥). ألا ترى أنّهم أحقّ بالتصدّق عليهم ، فالإحسان الديني أولى. وقيل : إنّه كان يأمر أهله بصلاة الليل وصدقة النهار.
وقيل : أهله أمّته كلّهم من القرابة وغيرهم ، فإنّ الأنبياء آباء أممهم ، وأممهم في عداد أهاليهم.
وفيه : أنّ من حقّ الصالح أن لا يألو نصحا للأجانب ، فضلا عن الأقارب
__________________
(١) في هامش النسخة الخطّية : «النهاية : الغاية. وفلان ناهيك ونهيك ، كما تقول : كافيك وحسبك. وتأويله : أنه غاية تنهاك عن تطلّب غيره. والتطلّب : الطلب مرّة بعد مرّة. منه».
(٢) الصافّات : ١٠٢.
(٣) الشعراء : ٢١٤.
(٤) طه : ١٣٢.
(٥) التحريم : ٦.