(جَنَّاتِ عَدْنٍ) بدل من الجنّة بدل البعض ، لأنّ الجنّة قد اشتملت عليها. أو منصوب على المدح.
و «عدن» بمعنى الإقامة ، يقال : عدن بالمكان إذا أقام به. أو هو علم لأرض الجنّة ، لكونها مكان إقامة ، ولو لا ذلك لما ساغ الإبدال ، لأنّ النكرة لا تبدل من المعرفة إلّا موصوفة ، ولما ساغ وصفها بـ «الّتي» في قوله (الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ) أي : عباده المؤمنين (بِالْغَيْبِ) أي : وعدها إيّاهم وهي غائبة عنهم ، أو هم غائبون عنها. أو وعدهم بإيمانهم بالغيب.
(إِنَّهُ) إنّ الله (كانَ وَعْدُهُ) الّذي هو الجنّة (مَأْتِيًّا) يأتيها أهلها الموعود لهم لا محالة. وقيل : هو مأخوذ من : أتى إليه إحسانا ، أي : باشره وصنع إليه. ومنه قوله تعالى : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ) (١) أي : يباشرنها. والمعنى : وكان وعد الله مفعولا منجّزا.
وفي المجمع : «المفعول هنا بمعنى الفاعل ، لأن ما أتيته فقد أتاك ، وما أتاك فقد أتيته» (٢).
(لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً) فضول كلام وما لا طائل تحته. وفيه تنبيه ظاهر على وجوب تجنّب اللغو واتّقائه ، حيث نزّه الله عنه الدار الّتي لا تكليف فيها. وما أحسن ما قال : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (٣) (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) (٤) نعوذ بالله من اللغو والجهل ، والخوض فيما لا يعنينا.
(إِلَّا سَلاماً) ولكن يسمعون قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة. أو تسليم
__________________
(١) النساء : ١٥.
(٢) مجمع البيان ٦ : ٥٢١.
(٣) الفرقان : ٧٢.
(٤) القصص : ٥٥.