(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) فعقّبهم وجاء بعدهم عقب سوء. يقال : خلف صدق بالفتح ، وخلف سوء بالسكون ، كما قالوا : وعد في الخير ، ووعيد في الشرّ. (أَضاعُوا الصَّلاةَ) تركوها. وعن ابن مسعود : أضاعوها بتأخيرها عن مواقيتها من غير أن يتركوها أصلا. ويؤيّد الأوّل الاستثناء من بعده. (وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) أنفذوها فيما حرّم عليهم.
عن ابن عبّاس : هم اليهود ، تركوا الصلاة المفروضة ، وشربوا الخمر ، واستحلّوا نكاح الأخت من الأب ، وانهمكوا في المعاصي.
وعن قتادة : هم من هذه الأمّة عند قيام الساعة.
وعن علي عليهالسلام في قوله : (وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) من بني الشديد ، وركب المنظور ، ولبس المشهور» (١).
(فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) شرّا ، فإنّ كلّ شرّ عند العرب غيّ ، كقوله :
فمن يلق خيرا تحمد النّاس أمره |
|
ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما |
أو جزاء غيّ ، كقوله : (يَلْقَ أَثاماً) (٢) أي : مجازاة أثام. أو غيّا عن طريق الجنّة.
وعن ابن مسعود : هو واد في جهنّم تستعيذ منه أوديتها.
(إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) يدلّ على أنّ الآية في الكفرة (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ). وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر ويعقوب على البناء للمفعول ، من : أدخل. (وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) ولا ينقصون شيئا من جزاء أعمالهم. ويجوز أن ينتصب «شيئا» على المصدر ، أي : ظلما حقيرا ، فإنّ «شيئا» وقع موقعه. وفيه تنبيه على أنّ كفرهم السابق لا يضرّهم ، ولا ينقص أجورهم.
__________________
(١) رواه الزمخشري في الكشّاف (٣ : ٢٦) بهذا اللفظ. والشديد : الرفيع. ولعلّه إشارة إلى بناء القصور الرفيعة المشيّدة ، وركوب الحيوان للخيلاء والتبختر ، ولباس الشهرة.
(٢) الفرقان : ٦٨.