كالعرب والعرب.
(أَطَّلَعَ الْغَيْبَ) يقال : اطّلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه. فالمعنى : قد بلغ من عظمة شأنه إلى أن ارتقى إلى علم الغيب الّذي توحّد به الواحد القهّار ، حتّى ادّعى أن يؤتى في الآخرة مالا وولدا ، وأقسم عليه.
(أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) أو اتّخذ من عالم الغيوب عهدا بذلك ، فإنّه لا يتوصّل إلى العلم به إلّا بأحد هذين الطريقين. وقيل : العهد كلمة الشهادة.
وعن قتادة : هل له عمل صالح قدّمه ، فهو يرجو بذلك ما يقول؟! فإنّ وعد الله بالثواب على الشهادة أو العمل الصالح كالعهد عليه.
(كَلَّا) ردع وتنبيه على أنّه مخطئ فيما يصوّره لنفسه ويتمنّاه ، فليرتدع عنه (سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ) ذكر سين التسويف ، لأنّه بمعنى : سنظهر له أنّا كتبنا قوله. أو سننتقم منه انتقام من كتب جريمة العدوّ وحفظها عليه ، فإنّ نفس الكتبة لا تتأخّر عن القول أبدا ، لقوله تعالى : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (١).
(وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا) ونطوّل له من العذاب ما يستأهله. أو نزيد عذابه ، ونضاعف له بعضا فوق بعض ، لكفره وافترائه واستهزائه على الله. ولذلك أكّده بالمصدر دلالة على فرط غضبه عليه. يقال : مدّه وأمدّه بمعنى.
(وَنَرِثُهُ) بموته (ما يَقُولُ) يعني : المال والولد (وَيَأْتِينا) يوم القيامة (فَرْداً) لا يصحبه مال ولا ولد كان له في الدنيا ، فضلا أن يؤتى ثمّة زائدا ، كقوله : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) (٢).
وقيل : معناه : إنّما يقوله ما دام حيّا ، فإذا قبضناه حلنا بينه وبين أن يقوله ، ويأتينا رافضا لهذا القول ، منفردا عنه ، غير قائل له.
__________________
(١) ق : ١٨.
(٢) الأنعام : ٩٤.