الله سبحانه يؤتيه ذلك ليستعين به على الطاعة ، فيستعمله في معصية الله ، فيعاقبه الله عليه» ،
كما قال : (ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً) مطرودا من رحمة الله.
(وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ) إيمانا صحيحا لا شرك معه ولا تكذيب ، لأنّ العمل بلا إيمان صحيح باطل لا يترتّب عليه فائدة (فَأُولئِكَ) الجامعون للشروط الثلاثة (كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) من الله ، أي : مقبولا عنده مثابا عليه ، فإنّ شكر الله الثواب على الطاعة.
(كُلًّا) كلّ واحد من الفريقين. والتنوين بدل من المضاف إليه. (نُمِدُّ) نزيدهم من عطائنا مرّة بعد أخرى ، ونجعل آنفه مددا لسالفه لا نقطعه ، فنرزق المطيع والعاصي جميعا (هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ) بدل من «كلّا» (مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ) من معطاه. متعلّق بـ «نمدّ».
(وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) ممنوعا ، لا يمنعه في الدنيا من مؤمن بعصيانه ، ولا كافر لكفره ، تفضّلا.
(انْظُرْ) بعين الاعتبار (كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) جعلناهم متفاوتين في تفضيل الرزق. وانتصاب «كيف» بـ «فضّلنا» على الحال. (وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ) ومراتب (وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) أي : التفاوت في الآخرة أكبر ، لأنّ التفاوت فيها بالجنّة ودرجاتها والنار ودركاتها. وقد روي : «أنّ ما بين أعلى درجات الجنّة وأسفلها مثل ما بين السماء والأرض».
(لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) الخطاب للرسول ، والمراد به أمّته ، أو لكلّ أحد (فَتَقْعُدَ) فتصير ، من قولهم : شحذ الشفرة حتّى قعدت كأنّها حربة. أو فتعجز ، من قولهم : قعد عن الشيء إذا عجز عنه (مَذْمُوماً مَخْذُولاً) جامعا على نفسك الذمّ من الملائكة والمؤمنين ، والخذلان من الله. ومفهومه : أنّ الموحّد يكون ممدوحا منصورا.