(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ) إلى ربّهم الّذي غمرهم برحمته ، وخصّهم برضوانه وكرامته. وذكر هذا الاسم الشريف في هذه السورة مكرّرا ، لأن مساق الكلام فيها ، لتعداد نعمه الجسام ، وشرح حال الشاكرين لها والكافرين بها. (وَفْداً) وافدين عليه ، كما يفد الوفّاد على الملوك منتظرين لكرامتهم وإنعامهم.
وعن عليّ عليهالسلام : «ما يحشرون والله على أرجلهم ، ولكنّهم على نوق رحالها ذهب ، وعلى نجائب سروجها ياقوت».
(وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ) بإهانة واستخفاف كما تساق البهائم (إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) عطاشا ، فإنّ من يرد الماء لا يرد إلّا لعطش. وحقيقة الورد المسير إلى الماء. يعني : كأنّهم نعم عطاش تساق إلى الماء.
(لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ) الضمير فيه للعباد المدلول عليها بذكر القسمين. وهو الناصب لليوم. وقيل : نصب بمضمر ، أي : يوم نجمعهم ونسوقهم نفعل بالفريقين ما لا يحيط به الوصف. أو اذكر يوم نحشر.
(إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) إلّا من تحلّى بما يستعدّ به ويستأهل أن يشفع للعصاة ، من الإيمان والعمل الصالح على ما وعد الله. أو إلّا من اتّخذ من الله إذنا فيها ، كالأنبياء والأئمّة وخيار المؤمنين. فهو كقوله : (لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) (١). من قولهم : عهد الأمير إلى فلان بكذا ، إذا أمره به.
ومحلّه الرفع على البدل من الضمير. أو النصب على تقدير مضاف ، أي : إلّا شفاعة من اتّخذ ، أو على الاستثناء.
وقيل : الضمير للمجرمين. والمعنى : لا يملكون الشفاعة فيهم إلّا من اتّخذ عند الرحمن عهدا يستعدّ به أن يشفع له بالإسلام.
عن ابن مسعود : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لأصحابه ذات يوم : «أيعجز أحدكم أن يتّخذ
__________________
(١) طه : ١٠٩.