وأعربوا المثنّى تقديرا ، نحو الأسماء الّتي آخرها ألف ، كعصا وسعدى ، فلم يقلبوها في الجرّ والنصب.
وقيل : اسمها ضمير الشأن المحذوف ، و «هذان لساحران» خبرها.
وقيل : «إن» بمعنى : نعم ، وما بعدها مبتدأ وخبر. وفيهما : أنّ اللام لا تدخل خبر المبتدأ.
وقرأ أبو عمرو : إنّ هذين. وهو ظاهر. وابن كثير وحفص : إن هذان ، على أنّها هي المخفّفة واللام هي الفارقة ، أو النافية واللام بمعنى : إلّا. ويشدّد ابن كثير «هذان». وهي لغة.
(يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) بالاستيلاء عليها (بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) بمذهبكم الّذي هو أفضل المذاهب ، بإظهار مذهبهما ، وإعلاء دينهما ، لقوله : (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) (١).
وقيل : أرادوا أهل طريقتكم الفضلى. وهم بنو إسرائيل ، فإنّهم كانوا أرباب علم فيما بينهم ، لقول موسى : (أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) (٢).
وقيل : الطريقة اسم لوجوه القوم وأشرافهم ، من حيث إنّهم قدوة لغيرهم. والمعنى : يريدان أن يصرفا وجوه الناس إليهما. يقال : هم طريقة قومهم ، أي : قدوتهم. ويقال للواحد أيضا : هو طريقة قومه. والمثلى هم الجماعة الأفضلون ، تأنيث الأمثل بمعنى الأفضل ، كالفضلى في تأنيث الأفضل.
(فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) فأزمعوه واجعلوه مجمعا عليه لا يتخلّف عنه واحد منكم ، كالمسألة المجمع عليها ، أي : لا تدعوا من كيدكم شيئا إلّا جئتم به. وهذا قول فرعون للسحرة. والضمير في «قالوا» إن كان للسحرة فهو قول بعضهم لبعض. وقرأ أبو عمرو :
__________________
(١) غافر : ٢٦.
(٢) الشعراء : ١٧.