روي : أنّهم لم يرفعوا رؤوسهم حتّى رأوا الجنّة والنار ، ورأوا ثواب أهلها. وعن عكرمة :لمّا خرّوا سجّدا أراهم الله في سجودهم منازلهم الّتي يصيرون إليها في الجنّة» (١).
(قالَ آمَنْتُمْ لَهُ) لموسى. واللام لتضمّن الفعل معنى الاتّباع ، أي : قال فرعون للسحرة : صدّقتم واتّبعتم لموسى. وقرأ حفص وقنبل : آمنتم له على الخبر. والباقون على الاستفهام. (قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) في الإيمان له.
(إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ) لعظيمكم في فنّكم ، وأعلاكم وأعلمكم في صناعتكم. أو لمعلّمكم وأنتم تلامذته ، وقد يعجز التلميذ عمّا يفعله الأستاذ. يقال : قال لي كبيري كذا ، أي : معلّمي واستاذي. (الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) وأنتم تواطأتم على ما فعلتم. وقيل : معناه : إنّه لرئيسكم ومتقدّمكم ، وأنتم أشياعه وأتباعه ، ما عجزتم عن معارضته ، ولكنّكم تركتم معارضته احتشاما له واحتراما. وإنّما قال ذلك ليوهم العوام أنّ ما أتوا به إنّما هو لتواطئهم على ما فعلوا ليصرفوا وجوه الناس إليهم.
(فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) اليد اليمنى والرجل اليسرى ، لأنّ كلّ واحد من العضوين خالف الآخر ، بأنّ هذا يمين وذاك شمال. و «من» ابتدائيّة ، لأنّ القطع مبتدأ وناشئ من مخالفة العضو العضو. وهي مع المجرور بها في حيّز النصب على الحال ، أي : لأقطّعنّها مختلفات.
(وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) شبّه تمكّن المصلوب في الجذع بتمكّن المظروف بالظرف. وهو أوّل من صلب.
(وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا) يريد نفسه وموسى ، لقوله : «آمنتم له» فإنّ اللام مع الإيمان في كتاب الله لغير الله ، والباء معه لله ، كقوله : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٢). وفيه
__________________
(١) الكشّاف ٣ : ٧٥ ـ ٧٦.
(٢) التوبة : ٦١.