وناقتنا يبس ، إذا جفّ لبنها. والمعنى : اجعل أو اتّخذ لهم طريقا في البحر يابسا بضربك العصا لينفلق البحر.
(لا تَخافُ دَرَكاً) حال من الضمير في «فاضرب». والدرك اسم من الإدراك ، أي : حال كونك آمنا من أن يدرككم العدوّ. أو صفة ثانية ، والعائد محذوف.
وقرأ حمزة : لا تخف ، على أنّه جواب الأمر. وعلى هذا قوله : (وَلا تَخْشى) استئناف ، أي : وأنت لا تخشى. يعني : من شأنك أنّك آمن ولا تخشى من الغرق. أو عطف ، والألف فيه للإطلاق من أجل الفاصلة ، كقوله : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (١) (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (٢). أو حال بالواو.
(فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ) فأتبعهم فرعون نفسه ومعه جنوده ، فحذف المفعول الثاني. وقيل : «فأتبعهم» بمعنى : فاتّبعهم ، والباء للتعدية. وقيل : الباء مزيدة. والمعنى : فاتّبعهم جنوده.
روي : أن موسى خرج ببني إسرائيل أوّل الليل ، فأخبر فرعون بذلك ، فاتّبع أثرهم بجنوده ، ولمّا جاوز البحر موسى وقومه ، ولج فرعون وجنوده فيه (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) الضمير له ولجنوده ، أي : لحقهم منه ما لحقهم ، وجاءهم منه ما جاءهم. وهذا من باب الاختصار ، ومن جوامع الكلم الّتي تستقلّ مع قلّتها بالمعاني الكثيرة ، أي : غشيهم ما سمعتم قصّته وما لا يعرف كنهه إلّا الله.
(وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) أي : أضلّهم في الدين ، وما هداهم إلى الخير والرشد وطريق النجاة. وهو تهكّم به في قوله : (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) (٣). أو أضلّهم في البحر وما نجا.
__________________
(١) الأحزاب : ١٠.
(٢) الأحزاب : ٦٧.
(٣) غافر : ٢٩.