الْقَوْلَ) جهرا كان أو سرّا (فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ).
وإنّما لم يقل : يعلم السرّ ، ليطابق قوله : وأسرّوا النجوى ، لأنّ القول عامّ يشمل السرّ والجهر ، فكان في العلم به العلم بالسرّ وزيادة. فكان آكد في بيان الاطّلاع على نجواهم من أن يقول : يعلم السرّ ، كما أنّ قوله : يعلم السرّ ، آكد من أن يقول : يعلم سرّهم.
فلذلك اختير القول هاهنا ، وليطابق قوله : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) في المبالغة.
ثمّ بيّن ذلك بقوله : (وَهُوَ السَّمِيعُ) لأقوالهم (الْعَلِيمُ) بضمائرهم وأفعالهم ، فلا يخفى عليه ما يسرّون ولا ما يضمرون.
(بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ) إضراب لهم عن قولهم : هو سحر ، إلى أنّه تخاليط أحلام خيّلت إليه في المنام. ثمّ إلى أنّه كلام اختلقه من تلقاء نفسه.
ثمّ إلى أنّه كلام شعريّ يخيّل إلى السامع معاني لا حقيقة لها ويرغّبه فيها. وهكذا المبطل متحيّر ، رجّاع ، غير ثابت على قول واحد.
والظاهر أنّ «بل» الأولى لتمام حكاية ما مضى والابتداء بأخرى. أو للإضراب عن تحاورهم في شأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما ظهر عليه من الآيات ، إلى تقاولهم في أمر القرآن.
ويجوز أن يكون الكلّ من الله ، تنزيلا لأقوالهم في درج الفساد ، لأنّ كونه شعرا ابعد من كونه مفترى ، لأنّه مشحون بالحقائق والحكم ، وليس فيه ما يناسب قول الشعراء.
والمفترى أبعد من كونه أحلاما ، لأنّه مشتمل على مغيّبات كثيرة طابقت الواقع ، والمفترى لا يكون كذلك ، بخلاف الأحلام. ولأنّهم جرّبوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نيّفا وأربعين سنة ، وما سمعوا منه كذبا قطّ. وأضغاث الأحلام أبعد من كونه سحرا ، لأنّه يجانسه من حيث إنّهما من الخوارق.
(فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) أي : كما أرسل به الأولون ، مثل اليد البيضاء والعصا وإبراء الأكمه وإحياء الموتى. وصحّة التشبيه من حيث إنّ الإرسال في معنى : كما