(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) يعنون : النبيّ وأصحابه.
(لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ) لا يدفعون (عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ) يعني : أنّ النار تحيط بهم من جميع جوانبهم (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) جواب «لو» محذوف ، و «حين» مفعول لـ «يعلم» أي : لو يعلمون الوقت الّذي يستعجلون منه بقولهم : متى هذا الوعد؟ وهو وقت صعب شديد ، تحيط بهم النار من ورائهم وقدّامهم ، بحيث لا يقدرون على دفعها من أنفسهم ، ولا يجدون ناصرا ينصرهم ، لمّا كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال ، ولكن جهلهم به هو الّذي هوّنه عندهم.
ويجوز أن يترك مفعول «يعلم». والمعنى : لو كان معهم علم ولم يكونوا جاهلين لما كانوا مستعجلين. و «حين» منصوب بمضمر ، أي : حين لا يكفّون عن وجوههم النار يعلمون أنّهم كانوا على الباطل ، وينتفي عنهم هذا الجهل العظيم.
وإنّما وضع الظاهر فيه موضع الضمير ، للدلالة على أنّ ما أوجب لهم ذلك هو الكفر.
(بَلْ تَأْتِيهِمْ) العدة ، أو النار ، أو الساعة (بَغْتَةً) فجأة. مصدر أو حال.
(فَتَبْهَتُهُمْ) فتغلبهم. يقال للمغلوب في المحاجّة : مبهوت. ومنه : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) (١) أي : غلب إبراهيم عليهالسلام الكافر. أو فتحيّرهم.
(فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها) أي : ردّ الوعد ، فإنّه بمعنى النار أو العدة. أو ردّ الحين ، فإنّه بمعنى الساعة ، ويجوز أن يكون للنار أو للبغتة. (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) يمهلون. وفيه تذكير بإمهالهم في الدنيا.
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤١) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ
__________________
(١) البقرة : ٢٥٨.