هو من أجداد نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والعرب كانوا يفتخرون به ، لانتهاء أنسابهم إليه ، فقال : (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ) الاهتداء لوجوه الصلاح. وقيل : هو الحجج الموصلة إلى التوحيد. وقيل : النبوّة. وإضافته إليه ليدلّ على أنّه رشد مثله ، وأنّ له شأنا.
(مِنْ قَبْلُ) من قبل موسى وهارون ، أو محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيل : من قبل استنبائه ، أو بلوغه حيث قال : إنّي وجّهت.
(وَكُنَّا بِهِ) أي : بأنّه أهل لما آتيناه من الخلّة والنبوّة (عالِمِينَ) يعني : علمنا منه أحوالا بديعة ، وأسرارا عجيبة ، وصفات قد رضينا بها ونحمدها ، حتّى أهّلناه لخلّتنا ومخالصتنا. وهذا كقولك في خيّر من الناس : أنا عالم بفلان. فكلامك هذا دالّ على علمك بمحاسن أوصافه ومكارم خصاله. وفيه إشارة إلى أنّ فعله تعالى باختيار وحكمة ، وأنّه عالم بالجزئيّات.
(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ) لعمّه الّذي بمنزلة أبيه في تربيته بعد موت أبيه. والظرف متعلّق بـ «آتينا» أو بـ «رشده» أو بمحذوف ، أي : اذكر من أوقات رشده وقت قوله لأبيه (وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ) فيه تحقير لشأن آلهتهم المصوّرة بصور أجسام ذوات أرواح ، وتوبيخ لإجلالهم لها ، فإنّ التمثال صورة لا روح فيها ، فلا يضرّ ولا ينفع.
وأصله الشيء المصنوع مشبّها بخلق من خلق الله. من : مثّلت الشيء بالشيء إذا شبّهته به. واسم ذلك الممثّل تمثال ، وجمعه تماثيل. وقيل : إنّهم جعلوها أمثلة للأجسام العلويّة.
واللام للاختصاص ، لا للتعدية ، فإنّ تعدية العكوف بـ «على». والمعنى : وأنتم فاعلون العكوف لها ، أو واقفون لها. فلو قصد تعدية العكوف لعدّاه بصلته الّتي هي «على» ، كقوله : (يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ) (١). أو يضمّن العكوف معنى العبادة.
روى العيّاشي بإسناده عن الأصبغ بن نباتة أنّه قال : «إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام مرّ بقوم
__________________
(١) الأعراف : ١٣٨.