روى محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : «كلّ قرية أهلكهم الله بعذاب فإنّهم لا يرجعون».
يعني : أنّ قوما عزم الله على إهلاكهم غير متصوّر أن يرجعوا وينيبوا ، إلى أن تقوم القيامة ، فحينئذ يبعثون ويقولون : (يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ) (١).
وقيل : «لا» غير مزيدة. والمعنى : ممتنع عليهم أنّهم لا يرجعون إلى الجزاء في الآخرة. ويجوز أن يكون التقدير : وحرام عليها ذلك المذكور في الآية المتقدّمة من السعي المشكور غير المكفور ، لأنّهم لا يرجعون عن الكفر. وحينئذ «حرام» مسند بضميره ، و «أنّهم» مقدّر بحرف الجرّ لتعليل الحرام.
وقوله : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ) متعلّق بـ «حرام». أو بمحذوف دلّ عليه الكلام. أو بـ «لا يرجعون» أي : يستمرّ الامتناع أو الهلاك أو عدم الرجوع إلى أن فتحت يأجوج ومأجوج ، أي : سدّهما بحذف المضاف. يعني : إلى ظهور أمارة قيام الساعة ، وهو فتح سدّهما. وهما قبيلتان من الإنس. روي : أنّ الناس عشرة أجزاء : تسعة منها يأجوج ومأجوج. و «حتّى» هي التي يحكى الكلام بعدها ، والمحكيّ هي الجملة الشرطيّة. وقرأ ابن عامر ويعقوب : فتّحت بالتشديد.
(وَهُمْ) يعني : يأجوج ومأجوج (مِنْ كُلِّ حَدَبٍ) مكان مرتفع من الأرض (يَنْسِلُونَ) يسرعون. من نسلان (٢) الذئب. يعني : أنّهم يتفرّقون في الأرض ، فلا ترى أمكنة إلّا وقوم منهم يصعدون منها مسرعين. وعن مجاهد : الضمير للناس كلّهم. يعني : يخرجون كلّهم من قبورهم إلى الحشر.
(وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ) وهو القيامة (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) جواب الشرط. و «إذا» للمفاجأة ، تسدّ مسدّ الفاء الجزائيّة ، كقوله تعالى :
__________________
(١) الأنبياء : ٩٧.
(٢) نسل في مشيه نسلانا : أسرع.