المغيرة بقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال عبد الله : أما والله لو وجدته لخصمته. فدعوه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال له ابن الزّبعرى : أأنت قلت ذلك؟
قال : نعم.
قال : قد خصمتك وربّ الكعبة. أليس اليهود عبدوا عزيرا ، والنصارى عبدوا المسيح ، وبنو مليح عبدوا الملائكة؟
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : هم عبدوا الشياطين الّتي أمرتهم بذلك ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ) (١) الآية.
وروي أنّ ابن الزبعرى قال بعد نزول هذه الآية : هذا شيء لآلهتنا خاصّة أو لكلّ من عبد من دون الله؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لكلّ من عبد من دون الله».
فيكون قوله : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) بيانا للتجوّز أو التخصيص تأخّر عن الخطاب.
والفائدة في مقارنتهم بآلهتهم أنّهم قدّروا أنّهم يشفعون لهم عند الله ، فإذا صادفوا الأمر على عكس ما قدّروا لم يكن شيء أبغض إليهم منهم. ولأنّهم لا يزالون لمقارنتهم في زيادة غمّ وحسرة ، حيث أصابهم ما أصابهم بسببهم ، والنظر إلى وجه العدوّ باب من العذاب.
وقوله : (أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) استئناف ، أو بدل من «حصب». واللّام معوّضة من «على» للاختصاص. والمعنى : أنتم أيّها المشركون مع آلهتكم مخصوصون بدخول جهنّم (لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً) كما تزعمون (ما وَرَدُوها) ما دخلوا النار ، لأنّ المؤاخذ المعذّب لا يكون إلها (وَكُلٌ) من العابد والمعبود (فِيها خالِدُونَ) لا خلاص لهم عنها.
(لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ) صوت كصوت الحمير. وهو أنينهم ، وشدّة تنفّسهم. وهو من إضافة فعل البعض إلى الكلّ للتغليب ، إن أريد بـ «ما تعبدون» الأصنام ، فإنّه إذا كانوا هم وأصنامهم في قرن (٢) واحد جاز أن يقال : لهم زفير ، وإن لم يكن الزافرين إلّا هم دون
__________________
(١) الأنبياء : ١٠١.
(٢) القرن : حبل يقرن به البعيران.