(فَمَنِ ابْتَغى) طلب (وَراءَ ذلِكَ) الحدّ المستثنى مع فسحته واتّساعه. وهو إباحة أربع من الحرائر ، ومن الإماء ما شاء. (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) الكاملون في العدوان ، المتناهون فيه.
(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ) لما يؤتمنون عليه وما يعاهدون ، من جهة الحقّ ، من العهود في أداء الطاعات وترك المنكرات والمواثيق ، أو الخلق ، من الأمانات وعهودهم. ومثله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ) (١). (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) (٢). (راعُونَ) قائمون بحفظها وإصلاحها ، كراعي الغنم وراعي الرعيّة.
وقرأ ابن كثير : لأمانتهم على الإفراد ، لأمن الإلباس ، أو لأنّها في الأصل مصدر.
(وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ) يواظبون عليها ، ويؤدّونها في أوقاتها.
والإتيان بلفظ الفعل هاهنا لما في الصلاة من التجدّد والتكرّر ، ولذلك جمعه غير حمزة والكسائي. وليس ذلك تكريرا لما وصفهم به أوّلا ، لأنّ الخشوع في الصلاة غير المحافظة عليها. وفي تصدير الأوصاف وختمها بأمر الصلاة تعظيم لشأنها.
(أُولئِكَ) الجامعون لهذه الصفات (هُمُ الْوارِثُونَ) الأحقّاء بأن يسمّوا ورّاثا دون غيرهم.
ثمّ بيّن الوارثين بقوله : (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) وفي التبيين بعد الإجمال تفخيم لوراثتهم لا يخفى على المتأمّل. وهي مستعارة لاستحقاقهم الفردوس لأجل أعمالهم ، مبالغة فيه.
وقيل : إنّهم يرثون من الكفّار منازلهم فيها حيث فوّتوها على أنفسهم ، لأنّه تعالى خلق لكلّ إنسان منزلا في الجنّة ومنزلا في النار ، لما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «ما منكم من أحد إلّا له منزلان : منزل في الجنّة ، ومنزل في النار ، فإن مات ودخل النار ورث
__________________
(١) النساء : ٥٨.
(٢) الأنفال : ٢٧.