فيه ، ويعطيه فيه مزيد الخير في الدارين. وقرأ عاصم برواية أبي بكر : منزلا بفتح الميم وكسر الزاي ، بمعنى : نزولا مباركا ، أو موضع نزول. (وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) ثناء مطابق لدعائه. أمره بأن يشفع الدعاء بالثناء عليه مبالغة فيه ، وتوسّلا به إلى الإجابة.
وإنّما آثر (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ) لأنّه في معنى : فإذا استويتم ، لأنّه نبيّهم وإمامهم ، فكان قوله قولهم ، مع ما فيه من الإشعار بفضل النبوّة وإظهار كبرياء الربوبيّة ، وأنّ رتبة تلك المخاطبة لا يترقّى إليها إلّا ملك أو نبيّ.
روي عن الحسن : كان في السفينة سبعة أنفس من المؤمنين ونوح ثامنهم. وقيل : ثمانون.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) في ما فعل بنوح وقومه (لَآياتٍ) يستدلّ بها ويعتبر أولوا الاستبصار والاعتبار (وَإِنْ) وإن الشأن والقصّة (كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) لمصيبين قوم نوح ببلاء عظيم وعقاب شديد ، أو مختبرين عبادنا بهذه الآيات لننظر من يعتبر ويذّكّر ، كقوله تعالى : (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (١). و «إن» هي المخفّفة ، واللام هي الفارقة.
(ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣٢) وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٣٤) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً
__________________
(١) القمر : ١٥.