وزيادة بيان. وروي أنّه لم يحمل إلّا ما يلد ويبيض. (وَأَهْلَكَ) وأهل بيتك ، أو من آمن معك.
وقيل : إنّه قيل لنوح : إذا فار الماء من التنّور اركب أنت ومن معك ، فلمّا نبع الماء منه أخبرته امرأته ، فركب هو ومن معه.
وعن الشعبي : محلّ التنّور في مسجد الكوفة عن يمين الداخل ممّا يلي باب كندة ، وكان نوح عليهالسلام عمل السفينة وسط المسجد. وقيل : عين وردة بالشام. وقيل : بالهند. وعن ابن عبّاس : التنّور وجه الأرض. وعن قتادة : أشرف موضع في الأرض ، أي : أعلاه. وعن عليّ عليهالسلام : فار التنّور : طلع الفجر.
وقيل : معناه : أن فوران التنّور كان عند تنوير الفجر. والقول الأوّل أشهر.
(إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ) أي : القول من الله بإهلاكه لكفره. وإنّما جيء بـ «على» لأنّ السابق ضارّ ، كما جيء باللام حيث كان نافعا ، كما في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) (١) (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) (٢).
(وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) بالدعاء لهم بالإنجاء (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) لا محالة ، لظلمهم بالإشراك ، ومن هذا شأنه لا يشفع له ولا يشفع فيه. ولهذا أمره بالحمد على النجاة منهم بهلاكهم بعد النهي عن الدعاء لهم بالإنجاء ، فقال : (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) كقوله : (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٣).
ثمّ أمره أن يدعوه بدعاء هو أهمّ وأنفع له ، فقال : (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي) في السفينة ، أو في الأرض عند خروجه منها (مُنْزَلاً مُبارَكاً) إنزالا مباركا ، أو موضع إنزال يبارك له
__________________
(١) الأنبياء : ١٠١.
(٢) الصافّات : ١٧١.
(٣) الأنعام : ٤٥.