(هِيَ أَحْسَنُ) ولا يخاشنوهم ، كقوله : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١).
(إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) يهيّج بينهم المراء والمخاصمة والمشاقّة ، ويغري بعضهم ببعض ، ويلقي بينهم العداوة ، فلعلّ المخاشنة بهم تفضي إلى العناد وازدياد الفساد.
(إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ) في جميع الأوقات (لِلْإِنْسانِ) لآدم وذريّته (عَدُوًّا مُبِيناً) ظاهر العداوة.
ثمّ فسّر الّتي هي أحسن بقوله : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) وبما هو صلاح لكم (إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) بالتوبة (أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) بالإصرار على المعصية. وما بينهما (٢) اعتراض. والمعنى : قولوا لهم هذه الكلمة ونحوها ، ولا تصرّحوا بأنّهم من أهل النار ، فإنّه يهيّجهم على الشرّ ، مع أنّ ختام أمرهم غيب لا يعلمه إلّا الله.
(وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) موكولا إليك أمرهم تقسرهم على الإيمان ، وإنّما أرسلناك مبشّرا ونذيرا ، فدارهم ومر أصحابك بالاحتمال منهم. روي أنّ المشركين أفرطوا في إيذائهم ، فشكوا إلى رسول الله ، فنزلت ، وذلك قبل نزول آية السيف (٣).
وقيل : الكلمة الّتي هي أحسن أن يقولوا : يهديكم الله ويرحمكم الله. والخطاب في قوله : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) للمؤمنين. والمعنى : إن يشأ يرحمكم بإخراجكم من مكّة وتخليصكم من إيذاء المشركين ، وإن يشأ يعذّبكم بتسليطهم عليكم. أو إن يشأ يرحمكم بفضله ، وإن يشأ يعذّبكم بعذابه. وهو الأظهر.
(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (٥٥) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا
__________________
(١) النحل : ١٢٥.
(٢) أي : ما بين قوله تعالى : (يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وقوله : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ).
(٣) التوبة : ٥ و ٢٩.