أن يكون قوله : (لِما تُوعَدُونَ) فاعله ، لمكان اللام. ففاعله مقدّر ، تقديره : بعد جدّا الإخراج من الأجداث. أو «ما توعدون» ، والجارّ والمجرور لبيان المستبعد.
(إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) هذا الضمير لا يعلم ما يعنى به إلّا بما يتلوه من بيانه. وأصله : إن الحياة إلّا حياتنا الدنيا. فأقيم الضمير مقام الأولى لدلالة الثانية عليها ، حذرا عن التكرّر ، وإشعارا بأن تعيّنها مغن عن التصريح بها. ومنه : هي النفس ما حمّلتها تتحمّل. فمعناه : لا حياة إلّا هذه الحياة الدنيا. لأنّ «إن» نافية دخلت على «هي» الّتي في معنى الحياة الدالّة على الجنس ، فكانت مثل «لا» الّتي تنفي ما بعدها نفي الجنس.
(نَمُوتُ وَنَحْيا) يموت بعضنا ويولد بعض ، ينقرض قرن ويأتي قرن آخر ، وهكذا (وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) بعد الموت.
ثمّ قالوا عنادا : (إِنْ هُوَ) ما هو (إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فيما يدّعيه من إرساله له ، وفيما يعدنا من البعث (وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) بمصدّقين فيما يقول.
(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي) عليهم ، وانتقم لي منهم (بِما كَذَّبُونِ) بسبب تكذيبهم إيّاي.
(قالَ عَمَّا قَلِيلٍ) أي : عن زمان قليل. فـ «قليل» صفة لزمان ، كقديم وحديث في قولك : ما رأيته قديما ولا حديثا ، وعن قريب. و «ما» زائدة لتوكيد قلّة المدّة. ويجوز أن تكون نكرة موصوفة. (لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) على التكذيب.
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) صيحة جبرئيل ، صاح عليهم صيحة هائلة تصدّعت منها قلوبهم فماتوا (بِالْحَقِ) بالوجه الثابت الواجب الّذي لا دافع له ، لأنّهم قد استوجبوا الهلاك. أو بالعدل من الله ، كقولك : فلان يقضي بالحقّ ، إذا كان عادلا في قضاياه. أو بالوعد الصدق. (فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً) هلكى. شبّههم في دمارهم بالغثاء ، وهو حميل السيل ممّا بلي واسودّ من الأوراق والعيدان ، كقولهم : سال به الوادي لمن هلك.