والطيّبات ما يستطاب ويستلذّ به من المآكل والفواكه. ويشهد له مجيئه عقيب قوله : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ).
وقيل : طيّبات الرزق : حلال ، وصاف ، وقوام. فالحلال : ما لا يعصى الله فيه.
والصافي : ما لا ينسى الله فيه. والقوام ما يمسك النفس ويحفظ العقل.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله طيّب لا يقبل إلّا طيّبا ، فإنّه أمر به المرسلين ، فقال : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ)».
وعن الحسن : أما والله ما عنى به أصفركم ولا أحمركم ، ولا حلوكم ولا حامضكم ، ولكنّه قال : انتهوا إلى الحلال من الأكل.
(وَاعْمَلُوا صالِحاً) فإنّه المقصود منكم. والنافع عند ربّكم (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) فأجازيكم عليه. هذا هو السبب الداعي إلى إصلاح العمل ، فإنّ العاقل إذا عمل لمن يعلم عمله ، ويجازيه على حسب ما عمل ، فقد أصلح العمل.
(وَإِنَّ هذِهِ) أي : ولأنّ هذه. والمعلّل به «فاتّقون». أو واعلموا أنّ هذه. وقيل : إنّه معطوف على «ما تعملون». وقرأ ابن عامر بالتخفيف. والكوفيّون بالكسر على الاستئناف. (أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) ملّتكم ملّة واحدة ، أي : متّحدة في العقائد واصول الشرائع. ومثل ذلك قوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) (١) ، أي : على ملّة ودين. أو هذه جماعتكم جماعة واحدة متّفقة على الإيمان والتوحيد في العبادة.
ونصب «أمّة» على الحال. (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) عن المعصية ومخالفة الكلمة ، أي : فلأجل هذا فاتّقون.
(فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ) أمر دينهم (بَيْنَهُمْ) أي : جعلوه أديانا مختلفة. أو فتفرّقوا وتحزّبوا. و «أمرهم» منصوب بنزع الخافض أو التمييز. والضمير لما دلّ عليه الأمّة من أربابها ، أولها. (زُبُراً) قطعا. جمع الزبور الّذي بمعنى الفرقة. وهو حال من «أمرهم» أو
__________________
(١) الزّخرف : ٢٣.