المحترقة والقدّ (١) والأولاد.أو المراد عذاب الآخرة.
(إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) يضجّون ويجزعون ، ويصرخون باستغاثة ، لشدّة العذاب.
والجؤار : الصراخ باستغاثة. و «إذا» للمفاجأة ، أي : فاجئوا الصراخ بالاستغاثة. وهو جواب الشرط. و «حتّى» هذه هي الّتي يبتدأ بعدها الكلام. ويجوز أن يكون الجواب (لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ) فإنّه مقدّر بالقول ، أي : قيل لهم : لا تجأروا.
ثمّ علّل للنهي عن الجؤار بقوله : (إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ) أي : لا تجأروا ، فإنّ الجواب غير نافع لكم ، إذ لا تغاثون ولا تمنعون منّا ، أو من جهتنا لا يلحقكم نصر ولا معونة. وهذا إيئاس لهم من دفع العذاب عنهم.
ثمّ بيّن علّة الإيئاس بقوله : (قَدْ كانَتْ آياتِي) يعني : القرآن (تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ) تتأخّرون وتعرضون ، مدبرين عن سماعها وتصديقها والعمل بها. والنكوص : الرجوع قهقرى.
(مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ) الضمير للبيت العتيق. أو للحرم ، فإنّهم كانوا يقولون : لا يغلب علينا أحد ، لأنّا أهل الحرم. واستكبارهم بالبيت ، وافتخارهم بأنّهم ولاته وقوّامه ، مشهور معروف. فبهذا أغنى عن سبق ذكر مرجعه. ويجوز أن يرجع إلى آياتي ، فإنّها بمعنى كتابي.
والباء متعلّقة بالمستكبرين. ومعنى استكبارهم بالقرآن تكذيبهم به استكبارا.
ضمّن «مستكبرين» معنى : مكذّبين ، فعدّي تعديته. أو المعنى : مستكبرين بسببه ، فإنّه يحدث لهم استماعه استكبارا وعتوّا منهم ، فهم كانوا يستكبرون على المسلمين بسببه.
ويجوز أنّ تكون متعلّقة بقوله : (سامِراً). وهو في الأصل مصدر بمعنى السمر ، وهو التحديث في الليل ، جاء على لفظ الفاعل كالعاقبة ، ولهذا يطلق على الجمع.
فالسامر هم القوم الّذين يسمرون. والمعنى : يتحدّثون في الليل بذكر القرآن والطعن فيه.
__________________
(١) القدّ : جلد السخلة. والقدّ : السير يقدّ ـ أي : يقطع ـ من الجلد غير المدبوغ.