بعده قوام. أو لو اتّبع الحقّ الّذي جاء به محمّد ـ وهو الإسلام ـ أهواءهم ، وانقلب شركا ، لجاء الله بالقيامة ، ولأهلك العالم ، ولم يؤخّرها من فرط غضبه.
وعن قتادة : الحقّ هو الله. ومعناه : لو كان الله إلها يتّبع أهواءهم ، بأن أنزل ما يشتهونه من الشرك والمعاصي ، لخرج عن الألوهيّة ، ولما قدر أنّ يمسك السماوات والأرض.
(بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) بالكتاب الّذي هو ذكرهم ، أي : وعظهم. أوصيتهم وشرفهم وفخرهم. أو الذكر الّذي تمنّوه بقولهم : لو أنّ عندنا ذكرا من الأوّلين لكنّا عباد الله المخلصين. (فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ) لا يلتفتون إليه ، وراضون بالباطل أو بالذلّ.
(أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً) أجرا على أداء الرسالة (فَخَراجُ رَبِّكَ) رزقه في الدنيا ، أو ثوابه في العقبى (خَيْرٌ) لسعته ودوامه ، ففيه مندوحة لك عن عطائهم. والخرج بإزاء الدخل ، يقال لكلّ ما تخرجه إلى غيرك. والخراج غالب في الضريبة على الأرض. وهي ما تخرجه إلى الإمام ، أو إلى كلّ عامل ، من زكاة الأرض وأجرتها وجعلها. ففيه إشعار بالكثرة واللزوم ، فيكون ابلغ من الخرج ، فإنّ زيادة اللفظ لزيادة المعنى.
والمعنى : أم تسألهم على هدايتك لهم قليلا من عطاء الخلق؟ فإنّ الكثير من عطاء الخالق خير لوسعته.
وقرأ ابن عامر : خرجا فخرج ربّك. وحمزة والكسائي : خراجا فخراج ربّك ، للمزاوجة.
(وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) تقرير لخيريّة خراجه.
(وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) تشهد العقول السليمة على استقامته ، لا عوج فيه يوجب اتّهامهم له.
واعلم أنّه سبحانه ألزمهم الحجّة في هذه الآيات ، وقطع معاذيرهم وعللهم ، بأنّ الّذي أرسل إليهم رجل معروف أمره وحاله ، مخبور سرّه وعلنه ، خليق بأن يجتبى مثله