ثمّ زاد في الحجّة فقال : (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) من مالكها والمتصرّف فيها. والعرش أعظم من السماوات السبع.
(سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) إيراد اللام على المعنى ، لأنّ قولك : من ربّه ، ولمن هو ، في معنى واحد. وقرأ أبو عمرو ويعقوب بغير لام فيه وفيما بعده ، على ما يقتضيه ظاهر لفظ السؤال.
(قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) أي : أفلا تخافون عقابه ، فلا تشركوا بعض مخلوقاته ، ولا تنكروا قدرته على جميع الممكنات ، ولا تعصوا رسله؟ (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) هو من صفات المبالغة في الملك ، كالجبروت والرهبوت. وقال مجاهد : ملكوت كلّ شيء خزائن كلّ شيء.
(وَهُوَ يُجِيرُ) يغيث من يشاء على من يشاء ، ويحرسه عنه (وَلا يُجارُ عَلَيْهِ) ولا يغاث ولا يمنع منه أحد ، أي : ولا يغيث أحد أحدا ، ولا يمنعه منه. يقال : أجرت فلانا على فلان ، إذا أغثته ومنعته من المكروهات. وتعديته بـ «على» لتضمين معنى النصرة.
(إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ذلك فأجيبوا.
(سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) فمن أين تخدعون عن توحيده وطاعته ، ويموّه عليكم ، فتصرفون عن الرشد ، مع ظهور الأمر وتظاهر الأدلّة؟ قال امرئ القيس (١) : ونسحر بالطعام وبالشراب ... أي : نخدع. والخادع هو الشيطان والهوى. (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِ) من التوحيد والوعد بالنشور (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) حيث أنكروا ذلك ، وادّعوا له ولدا ، ومعه شريكا.
(مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢) قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥))
__________________
(١) ديوان امرئ القيس (طبعة دار بيروت) : ٧٢. وصدره : أرانا موضعين لأمر غيب.