(وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها) بإماتة أهلها واستئصال ساكنيها (قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً) بالقتل وأنواع البليّة. قيل : الهلاك للصالحة ، والعذاب للطالحة.
وعن مقاتل : وجدت في كتب الضحّاك بن مزاحم في تفسيرها : أمّا مكّة فيخرّبها الحبشة ، وتهلك المدينة بالجوع ، والبصرة بالغرق ، والكوفة بالترك ، والجبال ـ يعني : بلادها الّتي يسكنها الأكراد ، ما بين بغداد وما والاها ـ بالصواعق والرواجف. وأمّا خراسان فعذابها ضروب ، ثمّ ذكرها بلدا بلدا.
(كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ) في اللوح المحفوظ (مَسْطُوراً) أخبر أنّ ذلك كائن لا محالة ، ولا يكون خلافه.
(وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ) وما صرفنا عن إرسال الآيات الّتي اقترحها قريش ، من قلب الصفا ذهبا ، ومن إحياء الموتى ، وغير ذلك (إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) إلا تكذيب الأوّلين الّذين هم أمثالهم في الطبع ، كعاد وثمود. يعني : أنّها لو أرسلت لكذّبوا بها تكذيب أولئك ، واستوجبوا الاستئصال ، على ما مضت به سنّتنا في الأمم أن من كذّب بالآيات المقترحة عوجل بعذاب الاستئصال بعد أن كفر بها. ومن حكمنا النافذ أن لا نستأصلهم لشرف محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولأنّ منهم من يؤمن أو يلد من يؤمن وينصر دينه الإسلام ، فإنّ أمّته باقية ، وشريعته مؤيّدة إلى يوم القيامة.
ثمّ ذكر بعض الأمم المهلكة بتكذيب الآيات المقترحة ، فقال : (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ) بسؤالهم (مُبْصِرَةً) بيّنة ذات أبصار ، فإنّ آثارهم قريبة من قريش ، يبصرها صادرهم وواردهم ، أو بصائر. أو جاعلتهم ذوي بصائر. (فَظَلَمُوا بِها) فكفروا بها ، أو فظلموا أنفسهم بسبب عقرها.
(وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ) يعني : بالآيات المقترحة (إِلَّا تَخْوِيفاً) من نزول العذاب المستأصل. أو بالآيات غير المقترحة ـ كالمعجزات وآيات القرآن ـ إلّا إنذارا بعذاب