(فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) سواء كانوا أحرارا أو عبيدا ، رجالا أو نساء ، لعموم اللفظ. والتنصيف في العبد إنّما جاز في الزنا للنصوص.
(وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) ما لم يتب ، لدلالة الاستثناء عليه بعد (وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) نهى سبحانه عن قبول شهادة القاذف على التأبيد ، وحكم عليهم بالفسق.
واعلم أنّ نظم هذه الآية يقتضي أن تكون هذه الجمل الثلاث بأجمعها جزاء للشرط. فيكون التقدير : من قذف المحصنات فاجلدوهم وردّوا شهادتهم وفسّقوهم ، أي : فاجمعوا لهم الجلد وردّ الشهادة والتفسيق. ثمّ استثنى من ذلك بقوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) عن القذف (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) أعمالهم ، بأن استمرّوا على التوبة. وفي هذا دلالة على أنّ بمجرّد التوبة لا تقبل الشهادة ، بل لا بدّ وأن يحصل للتائب ملكة راسخة في النفس.
(فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) علّة للاستثناء ، أي : يغفر لهم فلا يجلدون ، ولا تردّ شهادتهم ولا يفسّقون. والأبد اسم لزمان طويل انتهى أو لم ينته. فإذا تاب القاذف قبلت شهادته ، سواء حدّ أو لم يحدّ ، عند أئمّة الهدى عليهمالسلام وابن عبّاس. وهو مذهب الشافعي.
واعلم أنّ حدّ القذف حقّ لازم يتوقّف إقامته على المطالبة ، ولا يسقط بالتوبة ، إلّا مع العفو من المقذوف قبل الثبوت لا بعده ، ورضاه جزء من التوبة. وحدّها إكذاب نفسه إن كان كاذبا ، والتخطئة إن كان صادقا ، فلا تقبل شهادته بدون ذلك.
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ