الأرض في كلّ عصر من واحد منهم.
وتحقيق هذه الجملة يقتضي أنّ الشجرة المباركة المذكورة هي دوحة التقى والرضوان ، وعترة الهدى والإيمان ، شجرة أصلها النبوّة ، وفرعها الإمامة ، وأغصانها التنزيل ، وأوراقها التأويل ، وخدمها جبرائيل وميكائيل.
والسادس : أنّ عند أكثر المفسّرين أنّ النور الّذي أضافه الله سبحانه إلى نفسه وما شبّهه به نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم. فكأنّه قال : الله منوّر السماوات والأرض بنور وجود محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبدنه الأطهر كالمشكاة ، وقلبه المصباح ، والزجاجة صدره ، ثمّ شبّهه بالكوكب الدرّيّ.
ثمّ رجع إلى قلبه المشبّه بالمصباح ، فقال : يوقد هذا المصباح من شجرة مباركة يعني : إبراهيم عليهالسلام ، لأنّ أكثر الأنبياء عليهمالسلام من صلبه. وشجرة الوحي لا شرقيّة ولا غربيّة ، أي : لا نصرانيّة ولا يهوديّة ، لأنّ النصارى تصلّي إلى الشرق ، واليهود إلى الغرب. يكاد أعلام نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم تتبيّن للناس قبل أن يتكلّم وترى معجزته ، كما أنّ ذلك الزيت يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار.
السابع : أنّ المشكاة إبراهيم ، والزجاجة إسماعيل ، والمصباح محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما سمّي سراجا منيرا في موضع آخر (١). (مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) إبراهيم ، لأنّ أكثر الأنبياء من صلبه. (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) أي : يكاد محاسن محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم تظهر قبل أن يوحى إليه. (نُورٌ عَلى نُورٍ) أي : نبيّ من نسل نبيّ.
والثامن : أنّ المشكاة عبد المطلّب ، والزجاجة عبد الله ، والمصباح هو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) بل مكّيّة ، لأنّ مكّة وسط الدنيا. (نُورٌ عَلى نُورٍ) مبالغة في كثرة الأشعّة والأنوار الإلهيّة في ذاته صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والتاسع : تمثيل لما منح الله تعالى به عباده من القوى الدرّاكة الخمس المترتبّة ،
__________________
(١) الأحزاب : ٤٦.