عدل ، وإن قال صدق. فهو في سائر الناس كالرجل الحيّ يمشي بين القبور. نور على نور ، كلامه نور ، وعلمه نور ، ومدخله نور ، ومخرجه نور ، ومصيره إلى الجنّة نور إلى يوم القيامة.
والرابع : أنّه مثّل القرآن في قلب المؤمن. فكما أنّ هذا المصباح يستضاء به وهو كما هو لا ينقص ، فكذلك القرآن يهتدى به ويعمل به. فالمصباح هو القرآن ، والزجاجة قلب المؤمن ، والمشكاة لسانه وفمه ، والشجرة المباركة شجرة الوحي : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) يكاد حجج القرآن تتّضح وإن لم تقرأ. وقيل : يكاد حجج الله على خلقه تضيء لمن تفكّر فيها وتدبّرها ولو لم ينزل القرآن. (نُورٌ عَلى نُورٍ) يعني : أنّ القرآن نور مع سائر الأدلّة قبله ، فازدادوا به نورا على نور.
والخامس : أنّه تمثيل للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته ، لما روي عن الرضا عليهالسلام أنّه قال : «نحن المشكاة فيها ، والمصباح محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يهدي الله لولايتنا من أحبّ».
وفي كتاب التوحيد لأبي جعفر بن بابويه بالإسناد عن عيسى بن راشد ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام في قوله : (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) قال : «نور العلم إلى صدر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) الزجاجة صدر عليّ عليهالسلام صار علم النبيّ إلى صدر عليّ عليهالسلام ، علّم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا. (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) قال : نور العلم. (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) قال : لا يهوديّة ولا نصرانيّة. (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) قال : يكاد العالم من آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم يتكلّم بالعلم قبل أن يسأل. (نُورٌ عَلى نُورٍ) إمام مؤيّد بنور العلم والحكمة في أثر إمام من آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة» (١).
فهؤلاء الأوصياء الّذين جعلهم الله خلفاء في أرضه ، وحججه على خلقه ، لا تخلو
__________________
(١) التوحيد : ١٥٨.