أصلها ومبدؤها. وقيل : الجلب ، لأنّه الغالب فيها ، ومنه يقال : تجر في كذا إذا جلبه. وفيه إيماء بأنّهم تجّار.
(وَإِقامِ الصَّلاةِ) عوّض فيه الإضافة من التاء ، المعوّضة عن العين ، الساقطة بالإعلال (وَإِيتاءِ الزَّكاةِ) ما يجب إخراجه من المال للمستحقّين.
(يَخافُونَ يَوْماً) يعني : يوم القيامة مع ما هم عليه من الذكر والطاعة (تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) تضطرب وتتغيّر من الهول والفزع وتشخص ، كقوله : (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) (١). أو تتقلّب أحوالها ، فتفقه القلوب ما لم تكن تفقه ، وتبصر الأبصار ما لم تكن تبصر. أو تتقلّب القلوب من توقّع النجاة وخوف الهلاك ، والأبصار من أيّ ناحية يؤخذ بهم ويؤتى كتابهم. وقيل : تتقلّب القلوب ببلوغها الحناجر ، والأبصار بالعمى بعد الإبصار.
(لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ) متعلّق بـ «يسبّح» أو «لا تلهيهم» أو «يخافون» (أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) أحسن جزاء ما عملوا الموعود لهم من الجنّة (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أشياء لم يعدهم بها على أعمالهم ، ولم تخطر ببالهم.
ثمّ قرّر الزيادة ، ونبّه على كمال القدرة ، ونفاذ المشيئة ، وسعة الإحسان ، فقال : (وَاللهُ يَرْزُقُ) يعطي (مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) بغير مجازاة على عمل ، بل تفضّلا منه سبحانه ، فإنّ الثواب لا يكون إلّا بحساب ، لكونه على حسب الاستحقاق ، والتفضّل يكون بغير حساب.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٣٩) أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠))
__________________
(١) الأحزاب : ١٠.