وقيل : المراد بيوت الأنبياء. وروي ذلك مرفوعا. وهو أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا قرأ هذه الآية سئل أيّ بيوت هذه؟ «فقال : بيوت الأنبياء. فقال أبو بكر : يا رسول الله هذا البيت منها؟ وأشار إلى بيت عليّ عليهالسلام وفاطمة. فقال : نعم منها وأفضلها».
أو متعلّق بما بعده ، وهو «يسبّح». وفيها تكرير ، كما يقال : زيد في الدار جالس فيها. ولا يجوز أن يكون «في بيوت» معمول «يذكر» لأنّ ما بعد «أن» لا يعمل فيما قبله. أو بمحذوف ، مثل : سبّحوا في بيوت.
(أَذِنَ اللهُ) أي : أمر الله (أَنْ تُرْفَعَ) بالبناء ، كقوله : (رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها) (١).
وقوله : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ) (٢) فإنّ الرفع هنا بمعنى البناء. وعن ابن عبّاس : هي المساجد ، أمر الله أن تبنى. أو المراد تعظيمها ، والرفع من قدرها ، كما روي عن الحسن : ما أمر الله أن ترفع بالبناء ، ولكن بالتعظيم. وقوله : (وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) أوفق له. وهو عامّ في كلّ ما يتضمّن ذكره ، حتّى المذاكرة في أفعاله ، والمباحثة في أحكامه. وعن ابن عبّاس : معناه أن يتلى فيها كتابه.
(يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ* رِجالٌ) ينزّهونه ، أي : يصلّون له فيها بالغدوات والعشيّات. والغدوّ مصدر أطلق للوقت ، ولهذا حسن اقترانه بالآصال. وهو جمع أصيل ، وهو العشيّ. وقرأ أبو بكر وابن عامر : يسبّح بالفتح ، على إسناده إلى أحد الظروف الثلاثة ، أعني : له ، فيها ، بالغدوّ. ورفع رجال بما يدلّ عليه «يسبّح». كأنّه قيل : من يسبّح؟ فقيل : رجال ، أي : يسبّح له رجال.
(لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ) لا تشغلهم معاملة رابحة (وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) مبالغة بالتعميم بعد التخصيص ، إن أريد به مطلق المعاوضة ، أو بإفراد ما هو الأهمّ من قسمي التجارة ، فإنّ الربح يتحقّق بالبيع ويتوقّع بالشراء. وقيل : المراد بالتجارة الشراء ، فإنّه
__________________
(١) النازعات : ٢٨.
(٢) البقرة : ١٢٧.