كما قال موسى عليهالسلام للسامري : (فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ) (١).
(فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ) جزاؤك وجزاؤهم ، فغلّب المخاطب على الغائب.
ويجوز أن يكون الخطاب للتابعين على الالتفات. (جَزاءً مَوْفُوراً) مكمّلا ، من قولهم : فر لصاحبك عرضه. وانتصاب «جزاء» على المصدر بإضمار فعله ، أو بما في «جزاؤكم» من معنى : تجازون ، أو الحال ، لأنّ الجزاء موصوف بالموفور.
(وَاسْتَفْزِزْ) واستخفف واستزلّ (مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ) أن تستفزّه ، من الفزاز بمعنى الخفيف (بِصَوْتِكَ) بدعائك إلى الفساد (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ) وصح عليهم ، من الجلبة وهي الصياح (بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) بأعوانك من راكب وراجل. والخيل : الخيّالة.
ومنه قوله عليهالسلام : «يا خيل الله اركبي».
والرّجل اسم جمع للراجل ، كالصحب والركب.
ويجوز أن يكون تمثيلا لتسلّطه على من يغويه بمغوار وقع على قوم ، فصوّت بهم صوتا يستفزّهم من أماكنهم ، ويقلقهم عن مراكزهم ، وأجلب عليهم بجنده حتى استأصلهم.
وقرأ حفص : رجلك بالكسر ، على أنّ فعلا بمعنى فاعل ، نحو : تعب وتاعب.
ومعناه : وجمعك الرجل.
وهذا من الأوامر الواردة على سبيل الخذلان والتخلية ، كما قال للعصاة : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) (٢). وكذلك قوله : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ) بحملهم على كسبها وجمعها من الحرام ، والتصرّف فيها على ما لا ينبغي ، كالربا والبحيرة والسائبة ، ومنع الزكاة وغيرها ، والإنفاق المحرّم.
(وَالْأَوْلادِ) بالحثّ على التوصّل إلى الولد بالسبب المحرّم ، ودعوى ولد بغير سبب ، والإشراك فيه بتسميته عبد العزّى وعبد الحارث ، والتضليل بالحمل على الأديان الزائغة ، والحرف الذميمة ، والأفعال القبيحة.
__________________
(١) طه : ٩٧.
(٢) فصّلت : ٤٠.