(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بدل من الأوّل. وإبدال التعليل للمبدل منه لا يستلزم الفصل بينه وبين بدله ، لأنّه من تمام المبدل منه ، فلا يكون كلاما أجنبيّا قادحا ، لإيراد البدل بعده من معلّله. أو مدح مرفوع أو منصوب.
(وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) كزعم النصارى (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) كقول الثنويّة.
ولمّا أثبت لذاته الملك مطلقا ، ونفى ما يقوم مقامه وما يقاومه فيه ، نبّه على ما يدلّ عليه ، فقال : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) أحداثه إحداثا مراعى فيه التقدير حسب إرادته ، كخلقة الإنسان من موادّ مخصوصة ، وصور وأشكال معيّنة (فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) فهيّأه لما يصلح له ويراد منه من الخصائص والأفعال ، كتهيئة الإنسان للإدراك والفهم ، والنظر والتدبير ، واستنباط الصنائع المتنوّعة ، ومزاولة الأعمال المختلفة ، إلى غير ذلك. وكذلك كلّ حيوان وجماد جاء به على الجبلّة المستوية المقدّرة بأمثله الحكمة والتدبير ، فقدّره لأمر مّا ومصلحة ، مطابقا لما قدّر له ، غير متجاف عنه.
أو فقدّره للبقاء إلى أجل مسمّى. وقد يطلق الخلق لمجرّد الإيجاد والإحداث ، من غير نظر إلى معنى التقدير. فيكون المعنى : وأوجد كلّ شيء فقدّره في إيجاده حتّى لا يكون متفاوتا.
وتفسير الخلق والتقدير بهذه الوجوه جواب من قال : إنّ الخلق في معنى التقدير ، فيصير المعنى : قدّر كلّ شيء فقدّره.
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (٣) وَقالَ