(وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) على الدوابّ والسفن ، من : حملته حملا ، إذا جعلت له ما يركبه. أو حملناهم فيهما حتّى لم تخسف بهم الأرض ولم يغرقهم الماء.
(وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) المستلذّات ممّا يحصل بفعلهم وبغير فعلهم (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) بحسب الغلبة والاستيلاء ، أو بالشرف ومزيّة المرتبة.
والمستثنى الّذي يفهم من «كثير» جنس الملائكة ، أو الخواصّ منهم على اختلاف المذهبين. ولا يلزم من عدم تفضيل الجنس عدم تفضيل بعض أفراده.
وقال في المجمع : «لا يمتنع أن يكون جنس الملائكة أفضل من جنس بني آدم ، لأنّ الفضل في الملائكة عامّ لجميعهم أو أكثرهم ، والفضل في بني آدم يختصّ بقليل من كثير ، وعلى هذا فغير منكر أن يكون الأنبياء أفضل من الملائكة ، وإن كان جنس الملائكة أفضل من جنس بني آدم» (١). وقد أوّل الكثير بالكلّ. وفيه تعسّف.
(يَوْمَ نَدْعُوا) نصب بإضمار : أذكر ، أو ظرف لما دلّ عليه «وَلا يُظْلَمُونَ» (كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) بمن ائتمّوا به من نبيّ ، فيقال : هاتوا متّبعي إبراهيم ، هاتوا متّبعي موسى ، هاتوا متّبعي محمد. فيقوم أهل الحقّ الّذين اتّبعوا الأنبياء عليهمالسلام ، فيأخذون كتبهم بأيمانهم.
ثمّ يقال : هاتوا متّبعي الشيطان ، هاتوا متّبعي رؤساء الضلالة. أو بمقدّم في الدين من أئمّتهم وعلمائهم ، أو بكتاب ، فيقال : يا أهل القرآن ويا أهل التوراة ، أو بدين. وقيل : بكتاب أعمالهم الّتي قدّموا ، فيقال : يا أصحاب كتاب الخير ، ويا أصحاب كتاب الشرّ ، أي : ينقطع علقة الأسباب ، ويبقى نسبة الأعمال.
وروي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «ألا تحمدون الله إذا كان يوم القيامة ، فدعا كلّ قوم إلى من يتولّونه ، ودعانا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفزعنا إلى رسول الله ، وفزعتم إلينا ، فإلى أين ترون نذهب بكم؟ إلى الجنّة وربّ الكعبة. قالها ثلاثا».
وعن محمّد بن كعب : أي : بأمّهاتهم ، جمع أمّ ، كخفّ وخفاف. والحكمة في ذلك
__________________
(١) مجمع البيان ٦ : ٤٢٩.