الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) يوازره ، أي : معينا يعينه في الدعوة وإعلاء الكلمة. والوزارة لا تنافي النبوّة ، فقد كان يبعث في الزمن الواحد أنبياء ، ويؤمرون بأن يوازر بعضهم بعضا.
(فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا) يعني : فرعون وقومه (بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) أي : فذهبا إليهم فكذّبوهما فدمّرناهم ، أي : فأهلكناهم إهلاكا بأمر فيه أعجوبة.
فاقتصر على حاشيتي القصّة اكتفاء بما هو المقصود منها ، وهو إلزام الحجّة ببعثة الرّسل ، واستحقاق التدمير بتكذيبهم. ومثله قوله تعالى : (اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) (١) أي : فضرب فانفلق.
(وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) كذّبوا نوحا ومن قبله من الرسل صريحا. أو نوحا وحده ، ولكن تكذيب واحد من الرسل كتكذيب الجميع. أو كذّبوا بعثة الرسل مطلقا ، كالبراهمة. (أَغْرَقْناهُمْ) بالطوفان (وَجَعَلْناهُمْ) وجعلنا إغراقهم ، أو قصّتهم (لِلنَّاسِ آيَةً) عبرة (وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً) أي : لجميع الظلمة من أمم الأنبياء. أو لجميع قوم نوح ، فيكون وضعا للظاهر موضع المضمر ، تظليما لهم.
(وَعاداً وَثَمُودَ) عطف على «هم» في «جعلناهم» (وَأَصْحابَ الرَّسِ) قوم كانوا عبدة الأصنام ، وأصحاب آبار ومواش ، ولهم بئر غير مطويّة يسكنون عليها ، ويعبدون الأصنام ، فبعث الله إليهم شعيبا فدعاهم إلى الإسلام ، فتمادوا في طغيانهم وفي إبذائه ، فانهارت البئر ، فخسف بهم وبديارهم.
وقيل : الرّسّ قرية بفلج اليمامة ، كان فيها بقايا ثمود ، فبعث إليهم نبيّ فقتلوه فهلكوا.
وعن الصادق عليهالسلام : «إنّ نساءهم كنّ سحّاقات».
وقيل : هم أصحاب حنظلة بن صفوان النبيّ ، ابتلاهم الله بطير عظيم كان فيها من
__________________
(١) الشعراء : ٦٣.