هو عليه ، جرت التسمية على هذه الأيّام.
وأمّا الداعي إلى هذا العدد ـ أعني : الستّة ـ دون سائر الأعداد ، فلا نشكّ أنّه داعي حكمة ، لعلمنا أنّه لا يقدّر تقديرا إلّا بداعي حكمة ، وإن كنّا لا نطّلع عليه ، ولا نهتدي إلى معرفته ، فإنّ خفاء الحكمة علينا لا يقتضي نفيها ، ومن ذلك تقدير الملائكة الّذين هم أصحاب النار تسعة عشر ، وحملة العرش ثمانية ، والشهور اثني عشر ، والسماوات سبعا ، وغير ذلك. والإقرار بدواعي الحكمة في جميع أفعاله ، وبأنّ ما قدّره حقّ وصواب وحكمة ، هو الإيمان. وقد نصّ عليه في قوله : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) (١). وهو الجواب أيضا في أنّه لم يخلقها لحظة ، وهو قادر على ذلك.
وعن سعيد بن جبير : إنّما خلقها في ستّة أيّام ، وهو يقدر على أن يخلقها في لحظة ، تعليما لخلقه الرفق والتثبّت.
وقيل : اجتمع خلقها يوم الجمعة ، فجعله الله عيدا للمسلمين.
(ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) قد سبق (٢) معنى الاستواء على العرش غير مرّة (الرَّحْمنُ) خبر «الّذي» إن جعلته مبتدأ. أو بدل من المستكن في «استوى» (فَسْئَلْ بِهِ) بسؤال ما ذكر. أو الباء بمعنى «عن». يعني : فاسأل عمّا ذكر من الخلق والاستواء (خَبِيراً) عالما يخبرك بحقيقة ، وهو الله تعالى ، أو جبرئيل ، أو من وجده في الكتب المتقدّمة ، ليصدّقك فيه.
وقيل : الضمير للرحمن. والمعنى : إن أنكروا إطلاقه على الله تعالى ، فاسأل عنه من
__________________
(١) المدّثّر : ٣١.
(٢) راجع ج ٢ ص ٥٣١ ذيل الآية ٥٤ من سورة الأعراف ، وج ٣ ص ١٨٨ ذيل الآية ٣ من سورة يونس ، وص ٤٢٥ ذيل الآية ٢ من سورة الرعد ، وج ٤ ص ٢٢٢ ذيل الآية ٥ من سورة طه.