(وَقَمَراً مُنِيراً) مضيئا بالليل.
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) أي : ذوي خلفة يخلف كلّ منهما الآخر ، بأن يقوم مقامه فيما ينبغي أن يعمل فيه ، أي : ذوي عقبة ، بأن يعقب هذا ذاك وذاك هذا.
ومنه قوله تعالى : (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) (١) والفعلة للحالة ، كالركبة والجلسة.
والمعنى : جعلهما للحالة الّتي يخلف عليها كلّ واحد منهما الآخر.
(لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) أي : يتذكّر آلاء الله ، ويتفكّر في صنعه ، بأن ينظر في اختلافهما ، فيعلم أن لا بدّ لانتقالهما من حال إلى حال وتغيّرهما من ناقل ومغيّر ، ويستدلّ بذلك على وجود صانع حكيم ، واجب بالذات ، رحيم على العباد (أَوْ أَرادَ شُكُوراً) أن يشكر الله على ما فيه من النعم. أو ليكونا وقتين للمتذكّرين والشاكرين ، من فاته ورده من العبادة في أحدهما تداركه في الآخر. كما نقل عن الحسن : من فاته عمله من التذكّر والشكر بالنهار ، كان له في الليل مستعقب ، ومن فاته بالليل كان له في النهار مستعقب.
وروي ذلك عن أبي عبد الله عليهالسلام ، حيث قال : «تقضى صلاة النهار بالليل ، وصلاة الليل بالنهار».
وقرأ حمزة : أن يذكر ، من : ذكر ، بمعنى : تذكّر ، وكذلك : ليذكّروا. ووافقه الكسائي فيه.
(وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (٦٥) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٦٦) وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (٦٧))
__________________
(١) البقرة : ١٦٤.