(وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) (١).
والمراد بالجهل السفه وقلّة الأدب. وليس ما قال أبو العالية : من أنّها نسخت بآية (٢) القتال ، بشيء ، لأنّ المراد هو الإغضاء عن السفهاء وترك مقابلتهم في الكلام ، وهو لا ينافيها.
(وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) في الصلاة. وتخصيص البيتوتة ، لأنّ العبادة بالليل أحمز ، وأبعد عن الرياء. وتأخير القيام للرويّ. وهو جمع قائم ، أو مصدر أجري مجراه.
قيل : من قرأ شيئا من القرآن في الصلاة وإن قلّ فقد بات ساجدا وقائما.
وقيل : هما الركعتان بعد المغرب ، والركعتان بعد العشاء. والظاهر أنّه وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره. يقال : فلان يظلّ صائما ، ويبيت قائما.
ثمّ أشعر بأنّهم مع حسن مخالطتهم مع الخلق نهارا ، واجتهادهم في عبادة الحقّ ليلا ، وجلون من العذاب ، متضرّعون إلى الله في استدفاعه عنهم ، لعدم اعتدادهم بأعمالهم ، ووثوقهم على استمرار أحوالهم ، فقال : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) لازما دائما غير مفارق. ومنه : الغريم ، لملازمته وعدم مفارقته.
(إِنَّها ساءَتْ) إنّ جهنّم بئست (مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً). وفي «ساءت» ضمير مبهم يفسّره «مستقرّا». والمخصوص بالذمّ ضمير محذوف ، به ترتبط الجملة باسم «إنّ» أي : بئست جهنّم موضع قرار وإقامة هي. ويجوز أن يكون «ساءت» بمعنى : أحزنت ، وفيها ضمير اسم «إنّ» ، و «مستقرّا» حال أو تمييز. والجملة تعليل للعلّة الأولى ، أو تعليل ثان.
__________________
(١) القصص : ٥٥.
(٢) التوبة : ٥ و ٢٩.