رحمة ، حتّى نؤمن لك. وبرواية أخرى : لا نمكّنك من استلام الحجر حتّى تلمّ بآلهتنا وتمسّها بيدك.
و «إن» هي المخفّفة ، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية.
والمعنى : أنّ الشأن قاربوا بمبالغتهم أن يفتنوك ، أي : يخدعوك فاتنين (عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) من أوامرنا ونواهينا ، ووعدنا ووعيدنا (لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ) لتقول علينا غير ما أوحينا إليك (وَإِذاً) ولو اتّبعت مرادهم (لَاتَّخَذُوكَ) بافتتانك (خَلِيلاً) وليّا لهم ، بريئا من ولايتي.
(وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ) ولو لا تثبيتنا إيّاك وعصمتنا (لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) لقاربت أن تميل قليلا إلى اتّباع مرادهم. والمعنى : أنّك كنت على صدد الركون إليهم ، لقوّة خدعهم وشدّة احتيالهم ، لكن أدركتك عصمتنا فمنعت أن تقرب من الركون ، فضلا عن أن تركن إليهم. وهو صريح في أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما همّ بإجابتهم ، مع قوّة الداعي إليها ، ودليل على أنّ العصمة بتوفيق الله وحفظه.
ثمّ توعّده سبحانه على ذلك لو فعله ، فقال : (إِذاً) لو قاربت (لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ) أي : عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، ضعف ما نعذّب به في الدارين بمثل هذا الفعل غيرك ، لأنّ خطأ الخطير (١) أخطر. وكان أصل الكلام : عذابا ضعفا في الحياة ، وعذابا ضعفا في الممات ، بمعنى : مضاعفا ، نحو قوله تعالى : (عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) (٢) بمعنى : مضاعفا ، ثمّ حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه ، ثمّ أضيفت كما يضاف موصوفها.
وقيل : الضعف من أسماء العذاب. وقيل : المراد بضعف الحياة عذاب الآخرة ، وبضعف الممات عذاب القبر.
__________________
(١) أي : الشريف.
(٢) ص : ٦١.