وانتصابه يفعل متروك إظهاره. والتقدير : أسبح الله سبحان. ثمّ نزّل منزلة الفعل ، فسدّ مسده. ودلّ على التنزيه البليغ من جميع القبائح والمعائب والنواقص. وتصدير الكلام به للتنزيه عن العجز عمّا ذكر بعد. وأسرى وسرى بمعنى.
و «ليلا» نصب على الظرف. وفائدته ـ مع أنّ الإسراء لا يكون إلّا بالليل ـ الدلالة بتنكيره على تقليل مدّة الإسراء من مكّة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة. وذلك أنّ التنكير فيه معنى البعضيّة. والمعنى : أنزّه عن صفة العجز الّذي أذهب عبده صلىاللهعليهوآلهوسلم في جزء من الليل.
(مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) بعينه ، لما روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان ، إذ أتاني جبرئيل بالبراق».
أو من الحرم ، وسمّاه المسجد الحرام ، لأنّ كلّه مسجد ، أو لأنّه محيط به ، لما روي أنّه كان نائما في بيت أمّ هانئ أخت عليّ بن أبي طالب عليهالسلام بعد صلاة العشاء ، فأسري به ورجع من ليلته ، وقصّ القصّة عليها ، وقال : مثّل لي النبيّون فصلّيت بهم. وقام ليخرج إلى المسجد فتشبّثت أمّ هانئ بثوبه. فقال : مالك؟ قالت : أخشى أن يكذّبك قومك إن أخبرتهم. قال : وإن كذّبوني.
فخرج إلى المسجد ، فجلس إليه أبو جهل فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بحديث الإسراء. فقال : يا معشر بني كعب بن لؤيّ هلمّوا ، فحدّثهم ، فمن بين مصفّق وواضع يده على رأسه تعجّبا وإنكارا. وارتدّ ناس ممّن كان قد آمن به. واستنعته طائفة سافروا إلى بيت المقدس ، فجلّى الله له بيت المقدس ، فطفق صلىاللهعليهوآلهوسلم ينظر إليه وينعته لهم. فقالوا : أمّا النعت فقد أصاب.
فقالوا : أخبرنا عن عيرنا. فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها. وقال : تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس ، يقدمها جمل أورق. وهو الإبل الّذي في لونه بياض إلى سواد ، وهو أطيب الإبل لحما ، وليس بمحمود عندهم في العمل. كذا قاله الأصمعي.