تعدوا في يوم السبت. فقبّل اليهوديّ يده ورجله ، وقال : أشهد أنّك نبيّ الله.
وعلى هذا سمّيت الشرائع بالآيات ، لأنّها تدلّ على حال من يتعاطى متعلّقها في الآخرة من السعادة والشقاوة. وقوله عليهالسلام : «أنتم يا يهود خاصّة أن لا تعتدوا»
حكم مستأنف زائد على الجواب ، ليدلّ على إحاطة علمه بالكلّ ، ولذلك غيّر فيه مساق الكلام.
(فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) فقلنا له : سلهم من فرعون ليرسلهم معك ، أو سلهم عن حال دينهم ، أو سلهم أن يعاضدوك ، وتكون قلوبهم وأيديهم معك. وقوله : (إِذْ جاءَهُمْ) متعلّق بـ : قلنا. أو معناه : فأسال يا محمّد بني إسرائيل ـ وهم عبد الله ابن سلام وأحزابه ـ عمّا جرى بين موسى وفرعون إذ جاءهم. أو عن الآيات ليظهر للمشركين صدقك. أو لتعلم أنّه تعالى لو أتى بما اقترحوا لأصرّوا على العناد والمكابرة كمن قبلهم. أو ليزداد يقينك ، لأنّ تظاهر الأدلّة يوجب قوّة اليقين وطمأنينة القلب ، كقول إبراهيم : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (١).
وعلى هذا كان «إذ» نصبا بـ «آتينا» ، أو بإضمار : يخبروك ، على أنّه جواب الأمر ، أو بإضمار : اذكر ، على الاستئناف.
(فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً) سحرت فتخبّط عقلك. قيل : معناه : إنّك ساحر ، فوضع المفعول موضع الفاعل ، كما يقال : مشؤوم وميمون في معنى : شائم ويامن.
(قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ) يا فرعون. وقرأ الكسائي بالضمّ على إخباره عن نفسه ، كما روي أنّ عليّا عليهالسلام قال : «والله ما علم عدوّ الله ، ولكن موسى هو الّذي علم».
فقال : لقد علمت (ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ) يعني : الآيات (إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ) بيّنات مكشوفات تبصّرك صدقي ، ولكنّك تعاند وتكابر. ونحوه :
__________________
(١) البقرة : ٢٦٠.