فقال أحدهم : استعملت أجراء ذات يوم ، فجاء رجل وسط النهار وعمل في بقيّته مثل عملهم ، فأعطيته مثل أجرهم ، فغضب أحدهم وترك أجره ، فوضعته في جانب البيت. ثمّ مرّ بي بقر فاشتريت به فصيلة ، فبلغت ما شاء الله ، فرجع إليّ بعد حين شيخا ضعيفا لا أعرفه ، وقال لي : إنّ لي عندك حقّا ، وذكره لي حتّى عرفته ، فدفعتها إليه جميعا.
اللهمّ إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنّا. فانصدع الجبل حتّى رأوا الضوء.
وقال آخر : كان فيّ فضل ، وأصابت الناس شدّة ، فجاءتني امرأة فطلبت منّي معروفا ، فقلت : والله ما هو دون نفسك ، فأبت وعادت ثمّ رجعت ثلاثا. ثمّ ذكرت لزوجها ، فقال : أجيبي له وأغيثي عيالك. فأتت وسلّمت إليّ نفسها ، فلمّا تكشّفتها وهممت بها ارتعدت. فقلت : مالك؟ فقالت : أخاف الله. فقلت لها : خفته في الشدّة ولم أخفه في الرخاء. فتركتها وأعطيتها ملتمسها. اللهمّ إن كنت فعلته لوجهك فافرج عنّا. فانصدع حتّى تعارفوا.
وقال الثالث : كان لي أبوان همّان ، وكانت لي غنم ، وكنت أطعمهما واسقيهما ثمّ أرجع إلى غنمي. فحبسني ذات يوم غيث ، فلم أبرح حتى أمسيت فأتيت أهلي ، وأخذت محلبي فحلبت فيه ومضيت إليهما ، فوجدتهما نائمين ، فشقّ عليّ أن أوقظهما ، فتوقّعت جالسا ومحلبي على يدي ، حتّى أيقظهما الصبح ، فسقيتهما. اللهمّ إن فعلته لوجهك فافرج عنّا ، ففرّج الله عنهم فخرجوا.
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (١٠) فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (١١) ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (١٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً (١٣)