لا تقول : ظلمتنى ولا ضربتك ، ولا يجوز تقديم المفعول على الظرف ولا على المجرور ؛ لا تقول : «زيدا عليك ، ولا عمرا دونك» ؛ لأنها لم تقو قوة الأفعال ؛ إذ لا تتصرّف تصرفها ، ولا يبرز فيها ضمير الفاعل فى تثنية ولا جمع ، بل تقول : «عليكما زيدا ، وعليكم زيدا» ، فأمّا قوله تعالى : (كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ) [النساء : ٢٤] فكتاب : مصدر موضوع موضع فعله ، وعليكم : مجرور متعلّق به ، كأنه قال : «كتب الله عليكم ذلك» ، وكذلك قول الشاعر [من الرجز] :
٨٦ ـ يأيّها المائح دلوى دونكا |
|
إنّى وجدتّ النّاس يحمدونكا (١) |
فيتخّرج على أن يكون «دلوى» منصوبا بإضمار فعل ؛ كأنه قال : خذ دلوى ، ودونك : إغراء مستأنف ، ولا يجوز ـ أيضا ـ أن يجاب بشىء من ذلك بالفاء ، لا تقول : «عليك زيدا فتهينه» (٢) ، ولا : «دونك عمرا فتحسن إليه».
* * *
__________________
(١) البيت : لجارية من بني مازن
والشاهد فيه قولها : «دلوى دونكا» ؛ حيث إن «دلوى» مفعول به لفعل محذوف يفسره اسم الفاعل الذي بعده ، وكأنه قال : خذ دلوي دونكا ، أو يخرج على أن «دلوى» مفعول به مقدّم لاسم الفعل «دونك» ؛ وهو مبتدأ خبره جملة «دونك».
ينظر : الدرر ٥ / ٣٠١ ، شرح التصريح ٢ / ٢٠٠ والمقاصد النحوية ٤ / ٣١١ ، وبلا نسبة في لسان العرب (ميح) ، وأسرار العربية ص ١٦٥ ، والأشباه والنظائر ١ / ٣٤٤ ، والإنصاف ص ٢٢٨ ، وأوضح المسالك ٤ / ٨٨ ، وجمهرة اللغة ص ٥٧٤ ، وخزانة الأدب ٦ / ٢٠٠ ، ٢٠١ ، ٢٠٧ ، وذيل السمط ص ١١ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٩١ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٣٢ ، وشرح شذور الذهب ص ٥٢٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٧٣٩ ، وشرح المفصل ١ / ١١٧ ، ومعجم ما استعجم ص ٤١٦ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٠٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٠٥ ، وتهذيب اللغة ٥ / ٢٧٩ ، ومقاييس اللغة ٥ / ٢٨٧.
وتروى «رأيت» بدلا من «وجدت».
(٢) م : وقولى : «ولا يجوز أن يجاب شىء من ذلك بالفاء ، لا تقول : عليك زيدا فتهينه» إنما لم يجز ذلك ؛ لأن الفعل قد اختزل وأنيب الظرف أو المجرور منابه ، وليس فى لفظ الظرف أو المجرور دلالة على المصدر الذى يعطف عليه ما بعد الفاء. أه.