قال عنه السيوطي : حامل لواء العربية فى زمانه بالأندلس.
وقال ابن الزبير : أخذ عن الدباج ، والشلوبين ، ولازمه مدة ، وكانت بينهما منافرة ومقاطعة ، وتصدر للاشتغال مدة بعدة بلاد ، وجال بالأندلس ، وأقبل عليه الطلبة ، وكان أصبر الناس على المطالعة ، لا يمل من ذلك (١).
وقيل : إنه لم يكن يؤخذ عنده غير النحو ولا تأهل لغير ذلك (٢).
ولكن هذا لا يصح ، لأنه كان علما فى العربية ، ريّان فى الأدب (٣) يشهد له ما قدمه من مصنفات ، ففى النحو نرى كتبا كثيرة كالمقرب والبديع وشروح الجمل ، وفى الصرف : الممتع ، وفى الأدب : الضرائر وسرقات الشعراء ، وشرح الأشعار الستة ، وشرح الحماسة ، وشرح ديوان المتنبي (٤).
وقد كان أبرع تلاميذ الشلوبين وأحسنهم تصنيفا ؛ ولذلك ذاع صيته فى بلاد الأندلس ؛ فتصدر للتدريس فى إشبيلية وشريش ومالقة ومرسية ، حتى جعل اسمه فى الطبقة الأولى من أعلام إشبيلية ، وقرن بأمثال أبى على الشلوبين وأبى الحسن الدباج (٥) ، وقيل : إنه حامل لواء العربية فى زمانه بالأندلس
وكان لسرعة تفوق ابن عصفور وشهرته وتصدره للتدريس أن نافس أستاذه الشلوبين ؛ مما جعله ينقم عليه فصار إلى الغض من شأنه ويصمه بالجهل ، فكان يقول لتلاميذه : «إذا خرجتم فاسألوا ذلك الجاهل» (٦) يعنى ابن عصفور.
بل إن شهرته العلمية طبّقت العالم الإسلامى شرقا وغربا ، فأصبح مذكورا ـ لعلمه ـ لدى الجميع ، ولمصنفاته تقدير وحفاوة ، قال صاحب القدح المعلى : «وأبو الحسن الآن إمام بهذا الشأن فى المشارق والمغارب ، وهو حيث حلّ فعلمه نازل بالمحل الرفيع ، ومقابل بالبر الفائق» (٧).
__________________
(١) انظر : بغية الوعاة ٢ / ٢١٠ ، والوافى بالوفيات ٢٢ / ٢٦٥ ، ونفح الطيب ٢ / ٢٠٩.
(٢) بغية الوعاة ٢ / ٢١٠.
(٣) الذيل والتكملة ٥ / ٤١٤.
(٤) السابق نفس الصفحة.
(٥) انظر نفح الطيب ، وبغية الوعاة ٢ / ٢١٠.
(٦) نفح الطيب ٢ / ٢٠٩ ، ٢١٠.
(٧) اختصار القدح المعلى ص ٩٦.